عقبه ، وأما عائشة ، فإن نبي الله نهاها عن مسيرها ، فعضت يدها ندامة على ما كان منها [1] .
[1] - قصة ندامة عائشة وتوبتها ، ورجوعها إلى المدينة ، وهل كانت نادمة أو حانقة لما حصلت من الخيبة والفشل والهزيمة ، قال العلامة المجلسي رحمه الله في البحار ، ط القديم وهو المجلد الثامن ص 419 : نقلا عن كتاب " إبطال توبة الخاطئة " : عن إبراهيم بن عروة ، عن ثابت ، عن أبيه ، عن حبة العرني ، أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعث إلى عائشة محمدا أخاها رحمه الله وعمار بن ياسر رضوان الله عليه ، أن ارتحلي والحقي بيتك الذي تركك فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : والله لا أريم هذا البلد أبدا ، فرجعا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأخبراه بقولها فغضب ثم ردهما إليها وبعث معهما الأشتر فقال : والله لتخرجن أو لتحملن احتمالا ، ثم قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : يا معشر عبد القيس اندبوا إلى الحرة الخيرة من نسائكم فان هذه المرأة من نسائكم فإنها قد أبت أن تخرج لتحملوها احتمالا ، فلما علمت بذلك قالت لهم : قولوا فليجهزني ، فأتوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فذكروا له ذلك ، فجهزها وبعث معها بالنساء . وعن الحسن بن ربيع ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن محصن بن زياد الضبي ، قال سمعت الأحنف بن قيس يقول : بعث علي علي عليه السلام إلى عائشة أن إرجعي إلى الحجاز فقالت : لا أفعل فقال لها : لان لم تفعلي لأرسلن إليك نسوة من بكر بن وائل بشفار حداد يأخذنك بها ، قال : فخرجت حينئذ . وعن إسحاق بن إبراهيم ، عن أشرس العبدي ، عن عبد الجليل ، إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعث عمار بن ياسر عليهم السلام إلى عائشة أن ارتحلي ، فأبت عليه ، فبعث إليها بامرأتين وامرأة من ربيعة معهن الإبل ، فلما رأتهن ارتحلت وعن محمد بن علي بن نصر ، عن عمر بن سعد ، أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه دخل على عائشة لما أبت الخروج ، فقال لها : يا شعيرا ارتحلي وإلا تكلمت بما تعلمين قالت : نعم أرتحل . فجهزها وأرسلها ومعها أربعين امرأة من عبد قيس . . الحديث بطوله . أقول : أكتفي بهذا المقدار ، خوف الإطالة كما ذكر المجلسي رحمه الله وأحيل القارئ الكريم إلى المصدر المذكور . قال العلامة سبط ابن الجوزي في كتاب تذكرة الخواص ، ص 79 : قال علماء السير : لما بعث علي عليه السلام عبد الله بن عباس إلى عائشة يأمرها بالمسير إلى المدينة فدخل عليها ابن عباس بغير إذن فقالت له : أخطأت السنة دخلت علينا بغير إذن ! ! فقال لها لو كنت في البيت الذي خلفك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما دخلنا عليك بغير إذنك ، ثم قال : إن أمير المؤمنين يأمرك بالمسير إلى البيت الذي أمرك الله بالقرار فيه ، فأبت عليه ، فشدد عليها وقال : هو أمير المؤمنين وقد عرفتيه . قال هشام بن محمد : فجهزها علي عليه السلام أحسن الجهاز ودفع لها مالا كثيرا وبعث معها أخاها عبد الرحمان بثلاثين رجلا وعشرين امرأة من أشراف البصرة وذوات الدين من همدان وعبد القيس ، وألبسهن العمائم وقلدهن السيوف بزي الرجال وقال : لهن : لا تعلمنها أنكن نسوة ، وثلثمن وكن حولها ولا يقربنها رجل وسرن معها على هذا الوصف فلما وصلت إلى المدينة قيل لها : كيف كان مسيرك ؟ فقالت : بخير ، والله لقد أعطى فأكثر و لكنه بعث رجالا معي أنكرتهم ، فبلغ ذلك النسوة فجئن إليها وعرفنها أنهن نسوة فسجدت وقالت : والله يا ابن أبي طالب ما ازددت ألا كرما ، وددت إني لم أخرج هذا المخرج وان أصابني كيت وكيت . قال ابن الكلبي وكانت عائشة : إذا ذكرت يوم الجمل بكت حتى تبل خمارها وتأخذ بحلقها كأنها تخنق نفسها ، وكانت إذا ذكرت أم سلمة تذكر نهيها لها وتبكي ، وقال هشام بن محمد : إنما رد علي عليه السلام عائشة إلى المدينة امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشار هشام إلى ما روى أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا حسين بن محمد حدثنا فضل بن سليمان ، حدثنا محمد بن يحيى ، عن أبي أسماء مولى ابن جعفر ، عن أبي رافع إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي بن أبي طالب : سيكون بينك وبين عائشة أمر ، قال : فإذا أنا أشقاهم ؟ قال : لا ، ولكن إذا جرى ذلك فارددها إلى منامها ، قال هشام فكانت عائشة تأتي بعد يوم الجمل وتقول : يا ليتني كنت نسيا منسيا أي الحيضة الملقاة ، قال ابن الجوزي : انتهت قصة الجمل على وجه الاختصار . وكتاب مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني ، ص 42 و 43 . وقد أطنب العلامة المجلسي وذكر العلامة المعاصر السيد مرتضى العسكري في معالم المدرستين ، ج 1 ص 233 . كما أوردنا مفصلا في مقدمة كتابنا " الأربعون حديثا في فضائل أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين برواية عائشة " لمحقق هذا الكتاب .