يعود أسفلكم أعلاكم ، ولقد عدتم كهيئتكم يوم بعث فيكم نبيكم ( صلى الله عليه وآله ) ولقد تبينت بهذا الموقف وبهذا الامر ، وما كتمت رحمة ولا سقطت وسمة ، هلك من ادعى ، وخاب من افترى ، اليمين والشمال مضلة الطريق ، والمنهج ما في كتاب الله وآثار النبوة [1] . الا إن أبغض عبد خلقه الله لعبد وكله إلى نفسه ، ورجل قمش [2] في أشباه الناس علما فسماه الناس عالما ، حتى إذا ورد من آجن ، وارتوى من غير طائل ، قعد قاضيا للناس لتخليص ما اشتبه من غيره ، فإن قاس شيئا بشئ لم يكذب بصره ، وإن أظلم عليه شئ كتم ما يعرف من نفسه ، لكيلا يقال : خباط عشوات ، ومفتاح جهالات لا يسأل عما لا يعلم ، فيسأل ولا ينهض بعلم قاطع يذري الرواية إذراء الريح الهشيم ، تصرخ منه المواريث ، يحل بقضائه الفرج الحرام ، ويحرم بقضائه الفرج الحلال لا يلي [3] بتصدير ما ورد عليه ، ولا ذاهل عما فرط عنه ،
[1] - روى بعض هذه الفقرات ، أبو عثمان الجاحظ في البيان والتبيين ، ط بيروت ، ص 237 و 238 ، ضمن خطبة نقلها عن أبي عبيدة معمر بن المثنى وقال : أول خطبة خطبها علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، ونقلها عنه أيضا ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة ، ج 1 ، ص 272 ، و 275 ، وهي الخطبة السادسة عشر من نهج البلاغة . [2] - القمش : الردئ من كل شئ والجمع قماش . ونظيره عرق وعراق نقله ابن السكيت . أنظر تاج العروس للزبيدي ج 17 ص 341 . [3] - وفي نسخة " ح " و " ش " : لا ملي .