الناس إباء ، الذين كرهوا إياها لي عند موته فألقاني قائما على أخمصي حذرا [1] ، ولو أجبته إلى قبولها لم تدفع [2] الناس ذلك إلي وأخباها علي ضغنا في قلبه ، ثم لم آمن [3] من أتباعه ولو بعد حين مع ما بدا له ولي من كراهية الناس لما عرض علي منها ، أو سمعت ندائهم في كل ناحية عند عرضه إياها علي ، لا نريد سواك يا أبا بكر أنت لها ، فرددتها عند ذلك ، فلقد رأيته التمع وجهه لذلك سرورا . ولقد والله عاتبني مرة على شئ كان بلغه عني ، وذلك أنه لما قدم عليه الأشعث بن قيس أسيرا ، فمن عليه وزوجه [ أخته ] أم فروة بنت أبي قحافة ، قلت للأشعث وهو بين يديه : أبعد إسلامك ارتددت كافرا ! ؟ فنظر إلي الأشعث نظرا حديدا علمت أنه يريد كلاما ، ثم أمسك ، فلقيني بعد ذلك في سكة من سكك المدينة ، فقال : أنت صاحب الكلمة يومئذ يا بن الخطاب ؟ فقلت : نعم ، ولك عندي شر من ذلك ، فقال : بئس الجزاء هذا لي منك ، فقلت : وعلى ما تريد مني حسن الجزاء ؟ فقال : أما تأنف من أتباع هذا الرجل ! يعني [4] أبا بكر - وما حداني على الخلاف عليه إلا تقدمه عليك ، ولو كنت صاحبها لما رأيت [5] مني خلافا .
[1] - وفي " ش " : أحمض خميرا . [2] - " ش " : لم يعلم . [3] - كذا في الشافي وشرح النهج . [4] - وفي " ح " : يريد . [5] - وفي ش : عليك .