فهذه أفعال شرحناها ليعلم الناظر في كتابنا ، أن القوم غيروا وبدلوا ، كما غير سائر الأمم بعد أنبيائها ؟ ولا ينبغي أن يستتبع ذلك إذا ذكروا بما أتوه ، وارتكبوه ، فالقوم إن كانوا قد أحسنوا في وقت من الأوقات فقد أساؤا في وقت آخر بعد ذلك ، فإحسانهم أولا لا ينفعهم مع إساءتهم آخرا ، ولا ينكر القول فيهم ، لان الله عز وجل ، إن كان فضل أصحاب محمد ( صلى اله عليه وآله وسلم ) ومدحهم في حال طاعتهم ، فقد ذمهم في حال معصيتهم ، هذا موسى عليه السلام قد مدح قومه في حالة واختار منهم سبعين رجلا كانت سريرتهم عند الله خلاف ظاهرهم عند موسى عليه السلام ، ونحن نشرحه في هذا الباب إنشاء الله . من ذا الذي يجسر أن ينكر ذلك ، أو يجتري على القول : بأن أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) يمنع من عداوتهم في حال إسائتهم ، بعد قول الله تعالى لنبيه : ( لان أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) [1] ، وبعد قوله جل ذكره : ( قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) [2] ، وبعد قوله [ تعالى ] : يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن