إن كان العقد إليهم أن يكون الحل أيضا إليهم ، ولا ينكروا ما فعل بعثمان ، إذ كان قد خالفهم ، هذا لعمري يجب على أهل الدين والمعرفة أن ينظروا فيه بالرأي لا بالهوى ، فلعل الله يرشدهم إلى ما هو أرضى عنده ويعرفهم ما كانوا من القوم ، وما جرى من العجائب ، ثم لا يعلم بين الأمة اختلاف ، إن الإمامة زمام الرياسة وعماد النبوة ، وربيطة ما جاء به الرسول وبها تنتظم معاني الطهارة ، والعلم ، والورع ، والزهد ، والتقوى ، فإن الجماعة لا تكون جماعة الا بالاجتماع على إمام عادل ، وما كان الرسول أن يضيع أمر الأمة ، ويهملهم ، ولا يولي عليهم رجلا معروفا مشهورا ليكونوا جماعة من بعده ، كما كانوا جماعة في أيامه إذ كان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد عرفهم وعلم منهم ما لم يعلمه غيره . وكان من تشديده في إقامة الامام والحض على طاعته ، أن قال : 242 - نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ، وبلغها لم يسمعها ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغل عليهن قلب أمرء مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لائمة الدين المسلمين ، واللزوم للجماعة [1]
[1] - قال أحمد بن حنبل في مسنده ج 4 ، ص 82 : حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال : فذكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس بالخيف : نصر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها لمن لم يسمعها ، فرب حامل فقه لا فقه له ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن : إخلاص العمل ، وطاعة ذوي الامر ، ولزوم الجماعة ، فإن دعوتهم تكون من ورائه .