ويترك أمر الأمة مهملا ، لأنه لا شئ أعظم عنده خطرا ، ولا أجل قدرا من أمر أمته في إرشاده إلى ما فيه صلاحهم ونجاتهم ، وتعريفهم الفرق فيما شجر بينهم ، وحملهم على مصلحتهم ، وليس في فطرة العقل أن يوصي من الصغير في الامر ، ويدع الكثير ، فكيف ادعوا أنه جعل الامام إلى الأمة ليختاروا ، وقد علم أن اختيارهم له خير من اختيارهم لأنفسهم ، وكيف استجازوا أن يدعوا ذلك ؟ أما علموا ان المحتج إذا احتج عليهم ، فقال : ادعيتم أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جعل اختيار الإمام إليكم ، إنما كان أهل بيته الذين تخلفوا من الأمة ، فيدخلون في هذا الاختيار ، فليت شعري ما الجواب ، ؟ ! فقبح الله هذا القول وقبح من ادعاه . أما علموا أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) معصوم ، ؟ والأمة جلها غير معصومة والنبي يعمل بالحق ، وعامة الأمة تعمل بالظن ، وقد قال النبي لأصحابه : الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، فهذا من يعرفه فيهم ، ومن يقف عليه ينزل [1] عليه خبر السماء غدوة وعشية ، وقال لهم أيضا : 240 - الا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض [2] .
[1] - وفي " ش " : ينزل الامر ، وينزل عليه خبر السماء . [2] - قال أحمد بن حنبل في مسنده ح 4 ص 363 : حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن علي بن مدرك ، قال : سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث عن جرير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع لجرير : استنصت الناس ، وقال : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض . وفي ص 366 ، من المجلد مثله . وفيه : حدثنا إسماعيل بن قيس قال : بلغنا أن جريرا قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : استنصت الناس ، ثم قال عند ذلك : لأعرفن بعد ما أرى ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض . وروى أيضا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتوفي ( 402 ) في معجم الشيوخ ، ص 242 .