وأنت في حرم جدك قاطن ، وللظالمين مباين ، جليس البيت والمحراب معتزل عن اللذات والشهوات ، تنكر المنكر بقلبك ولسانك ، على قدر طاقتك وامكانك .ثم اقتضاك العلم للانكار ، ولزمك ان تجاهد الفجار ، فسرت في أولادك وأهاليك ، وشيعتك ومواليك ، وصدعت بالحق والبينة ، ودعوت إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأمرت بإقامة الحدود ، والطاعة للمعبود ، ونهيت عن الخبائث والطغيان ، وواجهوك بالظلم والعدوان .فجاهدتهم بعد الايعاظ لهم ، وتأكيد الحجة عليهم ، فنكثوا ذمامك وبيعتك ، وأسخطوا ربك وجدك ، وبدؤوك بالحرب ، فثبت للطعن والضرب ، وطحنت [1] جنود الفجار ، واقتحمت قسطل [2] الغبار ، مجالدا بذي الفقار ، كأنك على المختار .فلما رأوك ثابت الجأش ، غير خائف ولا خاش ، نصبوا لك غوائل مكرهم ، وقاتلوك بكيدهم وشرهم ، وامر اللعين جنوده ، فمنعوك الماء ووروده ، وناجزوك [3] القتال ، وعاجلوك النزال [4] ، ورشقوك [5] بالسهام
[1] - طحى : هلك . [2] - القسطل : الغبار الساطع في الحرب . [3] - ناجزه : قاتله وبارزه . [4] - تنازل القوم : نزلوا إلى ساحة القتال فتضاربوا . [5] - رشقه بالسهم : رماه .