حتى لقد غرتهم أناتك [1] عن النزوع ، وصدهم [2] امهالك عن الرجوع وإنما تأنيت بهم ليفيؤوا [3] إلى امرك ، وأمهلتهم ثقة بدوام ملكك ، فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها ، ومن كان من أهل الشقاوة خذلته لها ، كلهم صائرون إلى حكمك ، وأمورهم آئلة [4] إلى امرك ، لم يهن على طول مدتهم سلطانك ، ولم يدحض [5] لترك معاجلتهم برهانك ، حجتك قائمة لا تدحض [6] ، وسلطانك ثابت لا يزول . فالويل الدائم لمن جنح [7] عنك ، والخيبة الخاذلة لمن خاب منك ، والشقاء الأشقى لمن اغتر بك ، ما أكثر تصرفه في عذابك ، وما أطول تردده في عقابك ، وما أبعد غايته من الفرج ، وما أقنطه من سهولة المخرج ، عدلا من قضائك لا تجور فيه ، وانصافا من حكمك لا تحيف [8] عليه . فقد ظاهرت [9] الحجج ، وأبليت الاعذار [10] وقد تقدمت بالوعيد ،
[1] - أناتك : حلمك . [2] - صدهم : صرفهم ومنعهم . [3] - ليفيؤوا : ليرجعوا . [4] - آئلة : راجعة . [5] - يدحض : يبطل . [6] - لا تحول ( خ ل ) . [7] - جنح : مال وانحرف . [8] - لا تحيف : لا تجور . [9] - ظاهرت : كثرت وتابعت . [10] - أبليت الاعذار : بنيت الأدلة التي تقوم بالعذر عند عقاب العصاة .