ورعيت خلقه ، وخصك بكرائم التنزيل ، فخزنت غيبه وعرفت علمه وجعلك نهاية من خلق ، فسبقت العالمين وعلوت السابقين ، وصيرك غاية من ابتدع ، ففقت بالتقديم كل مبتدع ، ولم تأخذك في هواه لومة ولم تخدع . فكنت أول من في الذر برأ ، فعلمت ما علا ودنا ، وقرب ونأى ، فأنت عينه الحفيظة التي لا يخفى عليها خافية ، واذنه السميعة التي حازت المعارف العلوية ، وقلبه الواعي البصير المحيط بكل شئ ، ونوره الذي أضاء به البرية ، وحويت العلوم الحقيقية ، ولسانه الناطق بكل ما كان من الأمور ، والمبين عما كان أو يكون في سالف الأزمان وغابر الدهور . كل يا مولاي عن نعتك أفهام الناعتين ، وعجز عن وصفك لسان الواصفين ، لسبقك بالفضل البرايا ، وعلمك بالنور والخفايا ، فأنت الأول الفاتح بالتسبيح حتى سبح لك المسبحون ، والاخر الخاتم بالتمجيد حتى مجد بوصفك الممجدون . كيف أصف يا مولاي حسن ثنائك ، أم أحصي جميل بلائك ، وعرفت الافهام الآيات المعروفة في آفاق البلاد ، وهي فعلك ، وعجزت الأعين عن الإحاطة بالأنوار المريئة بين العباد ، وهي فرعك ، والأوهام عن معرفة كيفيتك عاجزة ، والأذهان عن بلوغ حقيقتك قاصرة ، والنفوس تقصر عما تستحق فلا تبلغه ، وعجز عما تستوجب ولا تدركه .