فظن الجاهلون انك عجزت عما إليه انتهى ، ضل والله الظان لذلك وما اهتدى . ولقد أوضحت ما أشكل من ذلك لمن توهم وامترى [1] بقولك صلى الله عليك : قد يرى الحول القلب وجه الحيلة [2] ، ودونها حاجز من تقوى الله ، فيدعها رأى العين ، وينتهز فرصتها من لا جريحة [3] له في الدين ، صدقت وخسر المبطلون . وإذ ماكرك الناكثان [4] فقالا : نريد العمرة ، فقلت لهما : لعمري لما تريدان العمرة لكن الغدرة ، وأخذت البيعة عليهما ، وجددت الميثاق فجدا في النفاق ، فلما نبهتهما على فعلهما أغفلا [5] وعادا ، وما انتفعا ، وكان عاقبة أمرهما خسرا . ثم تلاهما أهل الشام فسرت إليهم بعد الاعذار ، وهم لا يدينون دين
[1] - المرية : الجدل . [2] - عن الجزري : الحول : ذو التصرف والاحتيال في الأمور ، والقلب الرجل العرف بالأمور الذي قد ركب الصعب والذلول وقلبها ظهرا وبطنا ، وكان محتالا في أموره حسن التقلب . [3] - كذا في النسخ بتقديم الجيم على الحاء ، ويمكن أن يكون تصغير الجرح ، اي لا يرى أمرا من الأمور جارحا في دينه ، أو معناه الضيق ، والظاهر أن الصواب ما في نهج البلاغة : ( ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين ) بتقديم الحاء على الجيم ، ومعناه اي ليس بذي حرج والتحرج التأثم ، والحريجة : التقوى . [4] - المعنى به الطلحة والزبير . [5] - غفل عنه غفولا : تركه وسها عنه ، أغفله : وصل غفلته إليه .