ولا يساوي بهم ولا يفضل عليهم ، ومن فضّل عليهم أحداً من خلق الله لم يعقد قلبه على معرفتهم المعرفة التي خصّهم الله بها ، ولا عرف منزلتهم من مولاهم المعطي الوهّاب . [ 113 ] يدلّ على ذلك قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي ! ما عرف الله إلاّ أنا وأنت ، وما عرفني إلاّ الله وأنت ، وما عرفك إلاّ الله وأنا [1] . وحكم الذرّيّة الصالحة الشريفة حكم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وحكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما تقدّم ، فما عرف فضلهم إلاّ الله ، فهم خاصّة . [ 114 ] ولمّا سألت الملائكة محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين عرج به عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا ملائكة ربّي ! أتعرفوننا حقّ معرفتنا ؟ قالوا : فلم لا نعرفكم يا رسول الله وأنتم أوّل خلق خلقه الله ، خلقكم أشباح نور من نوره - تعالى ذكره - وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتهليل وتكبير وتقديس وتمجيد ، ثمّ خلق الملائكة ، فلمّا خلقنا كنّا نمرّ بأرواحكم فنسبّح بتسبيحكم ، ونحمّد بتحميدكم ، ونهلّل بتهليلكم ، ونكبّر بتكبيركم ، ونقدّس بتقديسكم ، ونمجّد بتمجيدكم ، فما نزل من عند الله فاّليكم ، وما صعد إلى الله فمن عندكم ، إقرأ عليّاً منّا السلام [2] . روي هذا الحديث عن أبي ذر ( رضي الله عنه ) . وإعلم أنّ الملائكة قالوا : ما وصل مقامهم إليه وعرفوه من فضل محمّد وعليّ وآلهما « صلوات الله عليهم أجمعين » وهو بنسبة الذي غاب عنهم يسير حقير . [ 115 ] يدلّ عليه قولهم ( عليهم السلام ) : إنّ أمرنا صعب مستصعب ; لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان [3] . وفي هذا الحديث كفاية لمكتف ، وعبرة لمعتبر ، وما يعقلها إلاّ العالمون .
[1] تأويل الآيات : 145 سورة النساء ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 60 . [2] تأويل الآيات : 833 سورة الإخلاص . [3] مرّ تخريجه .