قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة لا يتيقّن الوصول إلى رضوان الله حتّى يكون وقت نزوع روحه وظهور ملك الموت له . صدق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصدق آله الطاهرون ، قال الله - سبحانه - : ( فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ) [1] . [ 69 ] وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : الإيمان منه المستقرّ الثابت في القلوب ، ومنه العواري بين القلوب والصدور [2] . فالمستقر لا يزول ، والمستودع لابدّ من ارتجاعه ولو قبل خروج الروح بلحظة . وأصل هذا الأمر ما روي عنهم « صلوات الله عليهم » في الحديث المشهور من أخذ العهد والميثاق على بني آدم في الذرّ حين قال الله - سبحانه - لهم : ( ألست بربّكم ) ومحمّد نبيّكم ، وعليّ إمامكم ، والأئمّة من ذرّيّته أئمّتكم ؟ ( قالوا : بلى ) [3][4] . فمنهم من أقرّ بلسانه وقلبه ، فذلك إيمانه مستقرّ به لا يموت إلاّ على الإيمان وإن ظهر منه غيره أيّام حياته . [ 70 ] وهو الذي قال مولانا زين العابدين ( عليه السلام ) في دعائه : فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها [5] . ومنهم من أقرّ بلسانه دون قلبه ، فهذا إن ظهر على لسانه في الدنيا الإيمان وعلى جوارحه فهو مستودع مستعار ، لا يموت حتّى يرجع إلى ما كان عليه أوّلاً في الذرّ . قال - سبحانه - : ( فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ ) [6] إشارة إلى تكذيبه بقلبه يوم قال ( ألست بربّكم ) [7] . هكذا روي معناه :
[1] الأنعام : 98 . [2] نهج البلاغة : 279 خ 189 . [3] سورة الأعراف : 172 . [4] تفسير القمي : 1 / 246 ميثاق النبيين في الذر . [5] الصحيفة السجادية : 204 دعاء 46 من دعائه يوم الفطر ، مصباح المتهجد : 369 . [6] الأعراف : 101 . [7] انظر تفسير القمي : 1 / 235 .