والدين عند الله إنّما هو « الحبّ والبغض » وقد أدبنا القرآن على ذلك حيث تجد في كثير من آياته المباركة التصريح بأنّ الله يحبّ هذه الطائفة من البشر ولا يحب تلك ، فهو يحبّ التوّابين ، ويحبّ المتطهّرين ، ويحب المتقين ، ولا يحبّ المعتدين والمفسدين والظالمين . . . ويحبّب الإيمان ويكرّه الكفر والفسوق والعصيان . . ويأمرنا بأن نتولّى قوماً لأنّ الله تولاّهم فيما يأمرنا بالبراءة من آخرين لأنّ الله تبرأ منهم . . . وعلّمنا منذ اليوم الأول وقبل أن نهبط إلى الأرض أنّ ثمّة عدو ( اهبطوا بعضكم لبعض عدو ) وعلينا أن نحذر منه . . لا نحبه ولا نقربه . . نتباعد عنه ولا نسمح له بالإقتراب منّا ( إنّه لكم عدو مبين ) . . ( إنّ الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) . . . ولكي نلمس عاقبة التسامح والتهاون في « البراءة » ومجانبة الحزم والعزم في الموقف أمام العدو ، خضنا غمار الابتلاء ، وكانت العاقبة الهبوط إلى الأرض والاستماع إلى خطاب الربّ وهو يذكّرنا مرّة بعد أخرى . . : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنّه لكم عدو مبين ) . كما أدبنا القرآن على أنّ الله يعادي من عادى أولياءه وأنبياءه وملائكته ورسله . . ( من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ الله عدو للكافرين ) . وعلينا أيضاً أن نتبرأ ممن عاداه الله . . ( فلمّا تبيّن أنّه عدو لله تبرأ منه . . ) . وقد وبّخ القرآن من حاد عن سبيل « البراءة » . . . ( أفتتخذونه وذريّته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) . ويلاحظ مدى اهتمام القرآن بأصل البراءة من خلال تسمية سورة كاملة في القرآن وابتدائها بهذا المفهوم والأصل الأساس في حركة الإنسان وبناء شخصيته العقائدية والاجتماعية والفردية والدنيوية والأخروية . وكذا هي سيرة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) وما أكثر الشواهد والأدلة على ذلك في الحديث والسيرة ، بل إننا نجد أن لا معنى ولا مفهوم للدين ما لم يتّصف « بالحبّ والبغض » كما ورد في عدد غفير جداً من الروايات حتى عقد لها أكثر من باب في كتب الحديث والرواية . .