جاء عنهم ( عليهم السلام ) من أسرارهم التي أمروا أهل ولايتهم باحتمالها وأن لا ينكروها لعدم احتمال عقولهم لها . وقد روى الثقات عن النبي وآله « صلوات الله عليهم » بطرق كثيرة وعبارات مختلفة اللفظ متّفقة المعنى ومتغايرة في أنفسها وهو : [ 15 ] حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان [1] . فغير الملك المقرّب وغير النبيّ المرسل وغير العبد الممتحن لا يحتمله أي لا يصدّق به قلبه ويؤمن به كما احتمله وصدّقه وآمن به المذكورون أوّلاً ; ولهذا كان من أركان الإيمان الرضا والتسليم ، وهل يكلّف الإنسان بالتسليم لأهله وترك الاعتراض إلاّ لشيء قد حصل منه نفرة القلوب ؟ ! وقد حكى الله - سبحانه وتعالى - ما جرى بين موسى والخضر ( عليهما السلام ) من كون موسى لم يقدر على احتمال ما أراه الخضر ، هذا مع علمه بأنّ الله - سبحانه - أمره أن يتبعه ويتعلّم منه ومع وعده إيّاه أنّه لا يعصي له أمراً بعد أن شرط عليه القبول والتسليم ، فلمّا رأى ما لا يقبله عقله ولا يتمكّن من إحتماله أنكره عليه [2] ، وهو نبيّ جليل المقدار ، معصوم ، أحد اُولي العزم ، فما ظنّك فيمن دونه ؟ ! . فعلى هذا التقرير لا يجوز تأويل الحديث الذي تنكره العقول وتبادر إلى ردّه لجواز كونه من أسرارهم التي لا تحتمل ، بل لا يجب على المكلّف اعتقادها والتديّن بها إلاّ أن تكون قد جاء بها القرآن العزيز أو السنّة المتفق عليها عن آل محمّد ( عليهم السلام ) ويجب ردّها إلى آل محمّد ( عليهم السلام ) وسؤالهم عنها والتسليم إليهم .
[1] بصائر الدرجات : 22 باب 11 حديث : 7 ، الأمالي للصدوق : 4 المجلس 1 حديث : 6 ، أعلام الورى 270 الفصل الرابع ، الخصال : 1 / 207 حديث : 27 ، معاني الأخبار : 189 باب معنى المدينة الحصينة حديث : 1 . [2] أنظر : علل الشرائع 1 / 59 باب 54 باب العلة التي من أجلها سمي الخضر . . .