قال ابن عبّاس : ثمّ بكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقلت : ما يبكيك فداك أبي واُمّي ؟ ! قال : يا بن عبّاس ! إنّ أوّل ما كلّمني به ربّي أن قال : يا محمّد ! اُنظر تحتك . فنظرت إلى الحجب قد انخرقت ، وإلى أبواب السماء قد إنفتحت ، ونظرت إلى عليٍّ وهو رافع رأسه إليِّ ، فكلّمني وكلّمته وكلّمني ربّي . فقلت : يا رسول الله ! بِمَ كلّمك ربّك ؟ قال : قال لي : يا محمّد ! إنّي جعلت عليّاً وصيّك ووزيرك وخليفتك من بعدك فاعلمه بها فهاهو يسمع كلامك ، فأعلمته وأنا بين يدي ربّي - عزّ وجلّ - ، فقال : قد قبلت ذلك وأطعت . فأمر - سبحانه - الملائكة أن تسلّم عليه ، ففعلت ، وردّ عليهم السّلام ، فرأيت الملائكة تتباشر به ، فما مررت على ملأ منهم إلاّ هنّأوني وقالوا : يا محمّد ! والذي بعثك بالحقّ نبيّاً لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله لك ابن عمّك ، ورأيت حملة العرش قد نكّسوا رؤوسهم فسألت جبرئيل فقال : إنّهم استأذنوا الله بالنظر إليه ( عليه السلام ) فأذن لهم ، فلمّا عدت جعلت أخبر عليّاً وهو يخبرني ، فعلمت أنّي لم أطأ موطأً إلاّ وقد كشف له عنه . قال ابن عبّاس : فقلت : يا رسول الله ! أوصني . فقال : عليك بحبّ عليّ بن أبي طالب . فقلت : يا رسول الله ! أوصني . فقال : عليك بمودّة عليّ بن أبي طالب ، فوالذي بعثني بالحقّ نبيّاً لا يقبل الله من عبد حسنة حتّى يسأله عن حبّ عليّ ، وهو - تعالى - أعلم ، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان فيه ، وإن لم يجيء بولايته لم يسأله عن شيء وأمر به إلى النّار . يا بن عبّاس ! والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ، إنّ النّار لأشدّ غضباً على مبغض عليّ [ منها على من زعم أنّ لله ولداً ] وإنّ الجنّة لأشدّ سروراً بمن يحبّ عليّاً .