وهذان الحديثان يدلاّن بنزول هؤلاء النسوة التي متن وخرجن من الدنيا ، ثمّ أعادهنّ الله - سبحانه - إلى الدنيا ورأتهنّ واحدة من أهل الدنيا ، وتولّين ما أمرهنّ الله بتوليته منها ، ولم تتعذّر رؤية خديجة لهنّ لعدم اتّصال الشعاع كما قاله ( رحمه الله ) في تعذّر رؤية المحتضر لمحمّد وعليّ « صلوات الله عليهما » عند الموت لأنّه إذا صحّ وثبت أنّه - سبحانه - أحضر عند خديجة النسوة الأربع اللاتي قد متن وخرجن من الدنيا ورأتهنّ وكلّمتهنّ وتولّين من أمرها ما تولّين ، فليثبت ذلك فيمن هو أفضل منهنّ إذا رآه بعض شيعته ومحبّيه ، وقد أجمعت الإماميّة عليه . وما تأوّله ( رحمه الله ) خلاف الظاهر من الأحاديث ، ولا يجوز العدول عن الحقيقة إلى المجاز إلاّ مع تعذّر الحقيقة ، وليست الحقيقة هنا متعذّرة لقوله - تعالى - : ( وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء مُقْتَدِراً ) [1] ولما تقدّم من الأحاديث الصحيحة . [ عودة إلى قول الشيخ المفيد ( رحمه الله ) ] وقوله ( رحمه الله ) : « والقول عندي في رؤية المحتضر للملائكة كالقول في رؤيته لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولأمير المؤمنين » أي لا يجوز أن يرى المحتضر الملائكة ببصره كما لا يجوز أن يرى محمّداً وعليّاً ( عليهما السلام ) ببصره ما تقدّم فيه قوله . ثمّ جوّز ( رحمه الله ) رؤيته للملائكة بأن يزيد الله في شعاعه ما يدرك به أجسامهم الشفّافة الرقيقة . ثمّ قال ( رحمه الله ) : ولا يجوز مثل ذلك في رسول الله وأميرالمؤمنين « صلوات الله عليهما » لاختلاف ما بين أجسامهما وأجسام الملائكة في التركيبات .