ومن ضوي إليهم [1] ونزل بهم من دهماء الناس [2] على اختلافهم في دين النصرانية . وامتلأت قلوبهم - على تفاوت منازلهم - رهبة منه ورعبا ، فإنهم كذلك من شأنهم إذ وردت عليهم رسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . . وكان رسول الله ( ص ) لا يقاتل قوما حتى يدعوهم فازداد القوم لورود رسل نبي الله ( ص ) وكتابه نفورا وامتزاجا ( واهتياجا ) ففرعوا لذلك إلى بيعتهم العظمى ، وأمروا ففرش أرضها والبس جدرها بالحرير والديباج ، ورفعوا الصليب العظيم وكان من ذهب مرصع انفذه إليهم قيصر الأكبر وحضر ذلك ( المجلس ) بنو الحرث بن كعب وكانوا ليوث الحرب ، فاجتمع القوم جميعا للمشورة والنظر في أمورهم ، وأسرعت إليهم القبائل من مذحج وعك وحمير وانمار ومن دنا منهم نسبا ودارا من قبائل سبأ وكلهم قد ورم انفه غضبا منن قومهم ( لقومه ) ونكص من تكلم بالاسلام ارتدادا فحاضروا ( فخاضوا ) وأفاضوا في ركز المسير بنفسهم وجمعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والنزول به بيثرب لمناجزته ، فلما رأى أبو حامد ( حارثة ) حصين بن علقمة أسقفهم الأول ، وصاحب مدارسهم وعلامهم - وكان رجلا من بني بكر بن وائل - ما أزمع القوم عليه من اطلاق الحرب ، دعا بعصابة فرفع بها حاجبيه عن عينيه وقد بلغ يومئذ عشرين ومائة سنة ثم قام خطيبا معتمدا على عصى ، وكانت فيه بقية وله رأي وروية ، وكان موحدا يؤمن بالمسيح وبالنبي عليه السلام ويكتم ( ايمانه ) ذلك من كفرة
[1] يقال ضويت إذا اويت إليه وانضمت [2] دهماء الناس عامتهم وجماعتهم