اليوم ، والحد الرابع : من طرف إصفهان إلى الوادي وسط قرية درام وجرقام ، ووسط قرية راوندست [1] . ولما كانت الفتن الحاصلة في العراق والكوفة بالذات تتوالى ، وأن ضحيتها هم الشيعة ، كما أن الحكام وظلمهم لأهل البيت لم ينفك طيلة الحكم الأموي ، بل أن ملاحقة محبيهم وشيعتهم كان ديدنهم ، فقد كثرت الوقائع والمحن على أبناء علي وفاطمة وأتباعهم . إن مسلسل الاحداث بدأ بمقتل أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم الحسن عليه السلام ، ثم واقعة كربلاء ومقتل الإمام الحسين عليه السلام ، وبعدها أخذت الكوفة تتلقى الصدمات العنيفة من ولاتها وأمرائها ، وأبرز صورة عنف شهدتها الكوفة هي أيام الحجاج بن يوسف الثقفي الذي أهلك العباد ، وخرب البلاد ، وأحرق الحرث والنسل ، فظلمه وجوره وتعسفه في الحكم وغطرسته بلغت إلى حد أن يهرب الناس من لظى جوره وفجوره ، فالقتل والتشريد والحبس والتعذيب والممارسات اللاخلقية كلها سمات بارزة في سيرة الحجاج بن يوسف الثقفي ، فحياته صفحة سوداء ملطخة بدماء الأبرياء من آل البيت عليهم السلام ، وعار في جبين التاريخ ، وقد أمر مناديه في الكوفة : أن برأت الذمة من آل سائب أو مالك بن عامر الأشعري ، وأن دمهم مهدور ، مما أجبر الأشعري على ترك الكوفة والهجرة إلى إيران حتى وصلوا إلى نهاوند ودينور [2] . وفي زمنه أيضا هرب عبد الله ، والأحوص ، ابنا سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري إلى قم ، وكانت الخلافة الأموية آنذاك لعبد الملك بن مروان [3] .
[1] المصدر السابق : ص 26 . [2] گنجينة آثار قم لعباس فيض : ص 138 ، ط 1 . 1349 ، مطبعة مهراستور - قم . [3] مجئ عبد الملك إلى الخلافة كان في شهر رمضان من عام 65 ه ، وحكم 21 سنة ، وكان الحجاج واليا على العراق من قبل عبد الملك بن مروان وابنه الوليد بن عبد الملك ، وابتدأت إمرته عام 75 واستمر إلى عام 95 ، أي كانت إمارته 20 عاما .