واتصل بالمشايخ وأهل الإجازات ، وممن لقى الامام وأخذ عنه ، بالخصوص وكلاء الناحية المقدسة . ثالثا : أظهر الشيخ آثار مدرسة أهل البيت في المعقول ، وبين في الجزء الأول من الأصول الخصائص العقلية لتلك الآثار ، ودورها في البناء العقائدي للطائفة . وقد يجد القارئ أن الكثير من معتقدات أهل الاعتزال هي عائدة في أصولها إلى الفكر الشيعي الامامي ، إلا أن تعدد فرق المعتزلة ، وسوء فهمهم لكثير من النصوص ، ذهبت إلى تأويلات وتفصيلات قد انحازت بها إلى الباطل ، تاركة التراث الاسلامي الذي نقله السلف عن أسلافهم عن المنهل العذب المتمثل بأهل بيت العصمة عليهم السلام ، وهكذا بالنسبة لبعض الفرق الشيعية - غير الامامية - إنما أسأت فهم تلك الأحاديث ، مما أخرجها عن خط الفرقة الناجية . وربما يدعي البعض [1] أن الشيخ الكليني هو أميل إلى خط الاعتزال ، وخاصة في أصوله ، وتبنيه لأحاديث أصالة العقل . أقول : وذلك وهم ، ولا يمكن الاخذ به ، لان فكر أهل البيت عليهم السلام بدأ منذ صدر الاسلام بوجود النبي صلى الله عليه وآله بين ظهرانيهم ، أما فكرة الاعتزال فإنما ظهرت بوادره في أواخر القرن الأول الهجري ، واتسع نطاقه في منتصف القرن الثاني ، حتى أصبح المذهب الرسمي للدولة العباسية في زمن المأمون ، فالمدة والفاصلة الزمنية بين نشوء فكر الاعتزال ومذهب أهل البيت كبيرة جدا ، وقد ذكرنا بعض تلك الشواهد فيما تقدم ، وبالخصوص فيما جرى بين الإمام علي عليه السلام والشيخ الكبير بعد منصرفه من حرب صفين ، وهكذا ما جرى بين أئمة الهدى وبعض الزنادقة ، ومناظراتهم في
[1] المقصود منه استاذنا السيد أحمد المددي الموسوي ، إذ أنهينا عنده دورة كاملة في السطوح ، وقد أجاد وأفاد ، نأمل أن يحتل موقعه المناسب بين العلماء الأماجد .