إلا أن الأشاعرة قالوا بالتركيب ، كما عرفت من قولهم بأن الاله مركب من الذات والصفات ، فهم يتفقون مع النصارى حيث قولهم بالثالوث . ثالثا : أن لا يزيد نسبة وجوده على ذاته ، لان زيادة الوجود دليل على تغاير بين الوجود والذات ، والذات هي المعبر عنها بالواجب ، وهي عين الوجود ، ولو كانت الزيادة لكانت المغايرة ، وإذا تغاير الوجود لذاته حصل الافتقار للذات في الاتصاف به إلى العلة ، والمحتاج إلى العلة ممكن ليس بواجب . وفي الثلث الأخير من الحديث جرى الكلام أيضا حول الحدوث والقدم ، حيث سأل ابن أبي العوجاء الإمام الصادق عليه السلام عن الدليل على حدث الأجسام ، فأجابه الامام : " إني ما وجدت شيئا صغيرا ولا كبيرا إلا وإذا ضم إليه مثله صار أكبر ، وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الأولى ، ولو كان قديما ما زال ولا حال . . . الخ " . بعض الأشاعرة ، قال : " إن القدم وصف ثبوتي قائم بذات الله تعالى " [1] . أما الكرامية فقد ذهبت إلى أن الحدوث وصف ثبوتي قائم بذات الحادث . فقول الكرامية ومن تابعهم من الأشاعرة باطل ، لان القدم لو كان موجودا مغايرا للذات لكان واحدا من أمرين : إما أن يكون قديما أو حادثا ، فإن كان قديما كان له قدم آخر ، وهذا يوجب التسلسل وهو باطل ، وإن كان حادثا كان الشئ موصوفا بنقيضه ، وهو كسابقه في البطلان ، وبه يتم المطلب . وهناك مطالب عديدة في الحديث أرجأنا تفصيلها إلى مناسبة أخرى . استطاع الشيخ الكليني - قدس سره - أن ينقل لنا صورة حية عن القرن الثاني والثالث الهجري ، والصراع الدائر بين العلماء والمتكلمين من جهة وبين الزنادقة من
[1] دلائل الصدق للمظفر : 1 / 313 ط 1 ، دار المعلم ، القاهرة 1976 .