العراقي وابن حجر : وكان هؤلاء في عصر واحد ، فلا ندري أيهم سبق . قال : إلى أن رأى بعض الأئمة أن تفرد أحاديث النبي صلى الله عليه وآله خاصة ، وذلك في رأس المائتين ، وعدد جماعة ، وقال الطيبي : أول من كتبه وصنف فيه من السلف ابن جريح ، وقيل : مالك ، وقيل : الربيع بن صبيح ، ثم انتشر التدوين وظهرت فوائده . ثم قال : ألا تراه لم يذكر تدوين أحد قبل ابن جريح ، وكذلك الحافظ الذهبي في " تذكرة الحفاظ " نص أن أول زمن التصنيف وتدوين السنن وتأليف الفروع بعد انقراض دولة بني أمية وتحول الدولة إلى بني العباس ، قال : ثم كثر ذلك في أيام الرشيد ، وكثرت التصانيف ، وأخذ حفظ العلماء ينقص ، فلما دونت الكتب اتكل عليها ، وإنما كان قبل ذلك علم الصحابة والتابعين في الصدور . . . " [1] . إلى هنا عرفنا متى بدأ تدوين الحديث ، ومن الذي ألف فيه من الصحابة والتابعين ، بضمنها الأصول الأربعمائة [2] ، غير أن أغلب تلك المصنفات لم تصل إلينا بسبب يد الحدثان ، وجور الزمان ، وتعسف الولاة والحكام في اضطهاد الشيعة الموالين لأهل البيت عليهم السلام ، ومع كل ذلك فقد وصلنا جملة مهمة من تراث الأوائل ، بحيث عليها مدار الاستدلال ، ومنها تستنبط الاحكام ، وقد شغلت أرباب الفقه والحديث والسيرة والأخلاق ، وعلى سبيل المثال نذكر منها : كتاب " المحاسن " لأحمد بن أبي عبد الله البرقي ت 280 ه ، أحد كبار الشيعة ، ومن أصحاب الإمام الجواد والهادي عليهما السلام . وكتاب " كامل الزيارات " لأبي القاسم جعفر بن قولويه ت 368 ه ، ويعد هذا الكتاب من الأصول المعتبرة ، وقد اعتمد عليه كل من الصدوق ، والشيخ الطوسي ، . . .
[1] تأسيس الشيعة : ص 279 . [2] راجع للزيادة الغدير : 2 / 125 .