للذات ، وليست أشياء إضافية أو زائدة عن الذات ، لذا وجب أن يكون القرآن محدث أزلي . رابعا : قالوا : إذا كان الكلام واحدا ، إذا رفعت أقسامه ، وهذا محال ، لان في القرآن جملة من الاخبار والقصص ، أحدها تغاير الأخرى من حيث المضمون والهدف ، فمثلا قصة موسى تختلف عن قصة عيسى ويوسف ، فكيف يمكن اتحاد الاخبار مع اختلافها في الخبر والاسناد ؟ إلى حد ما تأثر المعتزلة بفلاسفة اليونان ، وأخذوا بعض عقائدهم من أولئك ثم صاغوها بقالب إسلامي ، فقد تأثروا بأرسطو في تقرير الوجود والعالم والمخلوقات والعدم ، فأرسطو قال بالهيولي ، وهي المادة الأولى الأزلية للعالم ، التي كانت خالية من كل صورة ، والتي يمكنها أن تقبل كل صوره عند الوجود ، وهكذا قالت المعتزلة بمقولة أرسطو [1] . أما تأثير الفلاسفة اليونان إنما كان لنشاط حركة الترجمة من اليونانية إلى العربية من جهة ، وتشجيع بعض الحكام والامراء العباسيين على تداول هذه العلوم العقلية بين الناس ، وإثارة الجدل بينهم لأغراض سياسية في الدرجة الأولى ، واشتغال الناس فيما بينهم كي يبتعدوا عن موضوع الخلافة والحاكمية من جهة أخرى .
[1] أرسطو يعتبر العناصر في ذاتها مركبات ، أي من الهيولي والصورة ، وليست مبادئ كما زعم انباذوقليس . ويقول أرسطو : إن الهيولي لا توجد فيه مفارقة ، والمركب الطبيعي عبارة عن وحدة متجانسة ذات طبيعة واحدة ، وقد يسمى ذلك المركب مزيجا ، بحيث كل واحد من أجزائه شبيه بالكل وبأي جزء آخر ، وهكذا استفاد المعتزلة من قول أرسطو ، مع الاخذ بنظر الاعتبار أقوال غيره من فلاسفة اليونان ، ك " ديموقريطس وانباذوقليس " ، وهذا بخلاف ما ذهب إليه الفيلسوف اليوناني " أبيقورس " ، والذي قال : بأن الجواهر غير متجانسة .