فضائل لا تكاد تجتمع في أحد ، لا يحضره نديم ولا مغن مله ولا قينة فينصرف إلا بصلة أو كسو ة ، قلت أو كثرت . . " [1] . وقد بلغ الحد من سوء الإدارة ، وتفشي الفساد والرشوة ، وتصرف الموالي والخدم ، أن سيطر القواد والامراء الأتراك وغيرهم من الخدم على مرافق الحياة . بل أن الاضطرابات عمت أرجاء الدولة الاسلامية ، ففي أيامه الأولى من حكومته استطاع مرداويج - من ترك الديلم - الاستيلاء على رامهرمز والأهواز ، وكان ذلك عام 322 ه ، إلا أن مرداويج لم يدم استيلاؤه طويلا حتى قتل شر قتلة ، فعاد القائد التركي ياقوت إليها واستعمل أبا عبد الله البريدي كاتبا له ، وعاملا على خراج الأهواز ، على أن سير الاحداث كانت سريعة جدا خلال الأيام الأولى من حكومة الراضي ، فعماد الدولة استطاع أن يستولي على بلاد فارس وشيراز وارجان ، وانصراف ( وشمگير ) أخ ( مرداويج ) من إصبهان بكتاب القاهر بعد أن ملكها ، وكان ذلك قبيل خلع القاهر . ومن الحوادث المهمة قتل هارون بن غريب عامل القاهر على ( ماه الكوفة ) وقصبتها ( الدينور ) وعلى ( ماسبذان ) ، ولما خلع القاهر وجد هارون نفسه هو أحق بالدولة من ( الراضي بالله ) وهو ابن خال المقتدر ، فكاتب القواد ببغداد يعدهم بالاحسان إليهم والزيادة بالأرزاق ، ثم سار بجيش جهزه من الدينور إلى خانقين ليدخل بعد ذلك بغداد ، فعظم ذلك على ابن مقلة الوزير وابن ياقوت الأمير وبقية القواد والخدم من الأتراك ، لذا تقدم هؤلاء ليستأذنوا الراضي في قتال هارون ، إلا أن الخليفة أذن لهم فقط برده إن كان ذلك ممكنا ، لكن الرد الجميل لم ينفع هارون ، بل وحتى الزيادة في إمارته وتوسيع نفوذه التي كانت بإشارة من الراضي [2] لم يقبلها
[1] مروج الذهب : 4 / 244 . [2] فقد ضم إليه الراضي بالله ولاية خراسان فلم يقنع هارون بهذا النفوذ .