لقد استاء الكثير من الوزراء من جراء تحكيم النساء والجواري ونفوذ كلمتهن ، فهذا مؤنس لما أراد أن ينصب أبا العباس أحمد بعد مقتل أبيه المقتدر ، اعترض عليه الوزير أبو يعقوب إسحاق بن إسماعيل النوبختي ، فقال : " بعد الكد والتعب استرحنا من خليفة له أم ، وخالة ، وخدم يدبرونه ، فنعود إلى تلك الحال ! والله لا نرضى إلا برجل كامل يدبر نفسه ويدبرنا " ، وما زال حتى رد مؤنسا عن رأيه [1] ، وكان ابن المقتدر آنذاك صبيا . عصر القاهر 320 - 322 ه أما فترة حكم القاهر بالله فهي قصيرة جدا ، إذ بويع في آخر شوال من عام 320 ه ، ثم خلع في أوائل جمادي الأولى في عام 322 ه ، بعد ما سملت عيناه ، وكانت خلافته سنة واحدة وستة أشهر ، وفي هذه المدة الوجيزة استوزر ثلاث أشخاص ، استوزر أبا علي محمد بن علي بن مقلة سنة 321 ه ، ثم عزله واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان ، ثم عزله واستوزر أبا العباس أحمد بن عبيد الله الخصيبي . تقلب الاحداث ، وكثرة الفتن في الدولة ، وتآمر رجال الجيش والخدم ، كل ذلك جعل الحياة في عصره مضطربة ، والأمان مفقود ، والخوف سائد على كثير من الناس ، وبالخصوص على الكبار من رجال الحكم من القادة والامراء ، قال المسعودي : " وكانت أخلاقه - القاهر - لا تكاد تحصى ، لتقلبه وتلونه . . " [2] . فقد أباد جملة من القواد والخدم المتنفذين ، منهم مؤنس الخادم الذي لعب
[1] المصدر السابق : 6 / 222 . [2] مروج الذهب : 4 / 222 .