أشد ما يكون الضرب ، وعلقها من رجلها ، حتى أن البول كان يسيل على وجهها ، حتى تعترف بما لديها من المال والمصوغ والثياب ، ولكنها لم تعترف بشئ [1] ، غير أنها لم تلبث إلا قليلا حتى أقرت بما عندها من الثياب ، والحلي ، والمصوغات ، والمجوهرات ، وصناديق خاصة بلغت قيمتها مائة ألف وثلاثون ألف دينار [2] . وقد رضخت من شدة تعذيب القاهر لها في أن تحل جميع وقفياتها ، فبيع منها الضياع الخاصة الفراتية ، والعباسية ، والمستحدثة ، والمرتجعة ، وما يجري مجراها في سائر النواحي [3] ، حتى بلغ قيمة ما بيع نصف مليون دينار ، كما ذكره ابن مسكويه . كيفما كان فقد انتهت حياة هذه المرأة الولوع بالمال والجاه والسلطة والرشوة ، انتهت بأبشع صورة بعد ما كانت الشخصية الأولى في الدولة . ومن المظاهر البارزة في زمن المقتدر امتداد نفوذ بعض الخدم وتطاولهم في سياسة الدولة ، والقبض على زمام الأمور فترة من الزمن ، وهؤلاء الخدم كان لهم دور كبير في جلب الخلافة إلى المقتدر ، وتنصيبه على المسلمين ، كما أن عدد الخدم في بلاط الخليفة قد ازداد عما كان عليه زمن المكتفي . إن عدد ما احصي في دار الخلافة كما قال ابن الطقطقي : " أحد عشر ألف خادم خصي ، غير الصقالبة ، وأبناء الفرس والروم والسودان " [4] . من أبرز هؤلاء الخدم : [ صافي الحرمي ] ، الذي أسدى للمقتدر فضلا كبيرا ، ومواقف تعد ذات أهمية وخطيرة في حياة الدولة الاسلامية في العصر العباسي " .
[1] المنتظم لابن الجوزي : 6 / 253 . [2] الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقي محمد بن علي ، ت 660 ه : ص 576 ، بيروت 1966 م . [3] الكامل لابن الأثير : 6 / 224 ، وتجارب الأمم لابن مسكويه : 1 / 245 . [4] الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقي : ص 260 .