أن يطلبوا من المأمون لان يتكلم الرضا عليه السلام في باب التوحيد ، فعسى أن تزل به القدم ويسقط عند نظر المأمون . وقد افتضح المأمون في جلسات ومناظرات عديدة ، وبان فشله وما يكيده للامام ، ومن جهة أخرى يتألق نجم الامام ، ويعلوا شأنه ، وتذهب بأخباره وكراماته الركبان حتى ذاع صيته في الآفاق ، مما كان سببا في تخوف المأمون على ملكه وخلافته إلى أن دبر قتله ، ومات الإمام عليه السلام مسموما بيد الغدر والخيانة ، ومن ذلك الحين أصبح مرقد الإمام الرضا وخراسان بشكل عام مهوى ومهبط الشيعة ، وتوالت الأزمان وذرية آل البيت تتجه إلى هذا الحرم الآمن ، وتتخذه قاعدة لبث التشيع بين صفوف الناس والنواحي المجاورة لمشهد الإمام الرضا عليه السلام . أما طوس ; فهي تعد جزءا من خراسان ، ولها تاريخ قديم ، وأما حدودها فهي تشمل مساحة واسعة من الأراضي والمدن والنواحي ، وابن حوقل يذكر أنها تشمل : نيسابور ، ومرو ، وهرات ، وبلخ . وبخراسان وما وراء النهر كور دون هذه في الصغر ، فمنها : قوهستان ، وطوس [1] ، والسمعاني يقول : طوس ناحية بخراسان ، فيها ألف قرية . وفي " آثار البلاد وأخبار العباد " أن طوس مدينة بخراسان ، بقرب نيسابور . على أي ، لما كانت طوس جزءا من ولاية خراسان قديما ، فلا يخفى من أنها المدينة الأخرى التي احتضنت مجموعة من العلماء والفضلاء والسادة العلويين من ذرية علي وفاطمة عليهما السلام ، وانتشر التشيع فيها ضمن دعاة العباسيين الذين كانوا يدعون لآل البيت عليهم السلام ظاهرا وإن كان في الخفاء يسعون لأنفسهم ، إلا أن هذا الزيغ والباطل قد انكشف حتى لعوام الناس .
[1] تاريخ ابن حوقل بنقل ( مطلع الشمس ) ، محمد حسن خان صنيع الدولة : 1 / 203 .