نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 46
الله سبحانه ذكر شيئين ثم عبر عن أحدهما بالكناية فكانت الكناية عنهما دون أن تختص بأحدهما وهو مثل قوله سبحانه : * ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ) * [1] فأورد لفظ الكناية عن الفضة خاصة وإنما أرادهما جميعا معا وقد قال الشاعر : نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف وإنما أراد : نحن بما عندنا راضون وأنت راض بما عندك ، فذكر أحد الأمرين واستغنى عن الآخر ، كذلك يقول سبحانه : * ( فأنزل الله سكينته عليه ) * ويريدهما جميعا دون أحدهما . والجواب عن هذا وبالله التوفيق : أن الاقتصار بالكناية على أحد الأمرين دون عموم الجميع مجاز واستعارة استعمله أهل اللسان في مواضع مخصوصة وجاء به القرآن في أماكن محصورة ، وقد ثبت أن الاستعارة ليست بأصل يجري في الكلام ولا يصح عليها القياس وليس يجوز لنا أن نعدل عن ظواهر القرآن وحقيقة الكلام إلا بدليل يلجئ إلى ذلك - ولا دليل في قوله تعالى : * ( فأنزل الله سكينته عليه ) * فيتعدى من أجله المكنى عنه إلى غيره . وشئ آخر وهو أن العرب إنما تستعمل ذلك إذا كان المعنى فيه معروفا والالتباس منه مرتفعا فتكتفي بلفظ الواحد عن الاثنين للاختصار مع الأمن من وقوع الشبهة والارتياب ، فأما إذا لم يكن الشئ معروفا وكان الالتباس عند إفراده متوهما لم يستعمل ذلك ومن استعمله كان عندهم ملغزا معميا ، ألا ترى أن الله