نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 277
المستقبل والحال ، لكان لخصومنا وجه في المطالبة بذكر ذلك في المعجزات ولكن لا وجه له على ما بيناه . على أن كمال عقل أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يكن ظاهرا للحواس ولا معلوما بالاضطرار فيجري مجرى كلام المسيح - عليه السلام - وحكمة يحيى - عليه السلام - وكلام شاهد يوسف - عليه السلام - ، فيمكن الاعتماد عليه في المعجزات وإنما كان طريق العلم به قول رسول الله ( ص ) أو الاستدلال الشاق بالنظر الثاقب والسبر بحاله - عليه السلام - على مرور الأوقات لسماع كلامه والتأمل لاستدلالاته والنظر إلى ما يؤدي إلى معرفته وفطنته . ثم لا يحصل ذلك إلا لخاص من الناس ، ومن عرف وجه الاستنباطات ، وما جرى هذا المجرى فارق حكمه حكم ما سلف للأنبياء من المعجزات وما كان لنبينا ( ص ) من الأعلام ، إذ تلك بظواهرها تقدح في القلوب أسباب اليقين ويشترك الجميع في علم الحال الظاهرة منها المنبئة عن خرق العادات ، دون أن تكون مقصورة على ما ذكرناه من البحث الطويل والاستبراء للأحوال على مرور الأوقات والرجوع فيه إلى نفس قول الرسول ( ص ) الذي يحتاج في العلم به إلى النظر في معجز غيره والاعتماد على ما سواه من البينات ، فلا ينكر أن يكون الرسول ( ص ) إنما عدل عن ذكر ذلك واحتجاجه به في جملة آياته لما وصفناه . وشئ آخر وهو أنه لا ينكر أن يكون الله عز وجل علم من مصلحة خلقه الكف من الرسول ( ص ) عن الاحتجاج بذلك والدعاء إلى النظر فيه وأن اعتماده على ما ظاهره خرق العادة أولى في مصلحة الدين . وشئ آخر وهو أن رسول الله ( ص ) وإن لم يحتج به على التفصيل واليقين فقد فعل ما يقوم مقام الاحتجاج به على البصيرة واليقين ، فابتدأ عليا - عليه السلام - بالدعوة
277
نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 277