أيها الناس ، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من يسلكه إن الناس اجتمعوا على مائدة قليل شبعها ، كثير جوعها ، والله المستعان ، وإنما يجمع الناس الرضا والغضب . أيها الناس ، إنما عقر ناقة صالح واحد فأصابهم الله بعذابه بالرضا لفعله ، وآية ذلك قوله عز وجل : ( فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر ) ( [1] ) ، وقال : ( فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها * ولا يخاف عقباها ) ( [2] ) ألا ومن سئل عن قاتلي فزعم أنه مؤمن فقد قتلني . أيها الناس ، من سلك الطريق ورد الماء ، ومن حاد عنه وقع في التيه ، ثم نزل . ورواه لنا محمد بن همام ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور ، جميعا ، عن الحسن بن محمد بن جمهور ، عن أحمد بن نوح ، عن ابن عليم ، عن رجل ، عن فرات ابن أحنف ، قال : أخبرني من سمع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وذكر مثله ، إلا أنه قال : لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله ( [3] ) . وفي قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " من سلك الطريق ورد الماء ، ومن حاد عنه وقع في التيه " ( [4] ) ، بيان شاف لمن تأمله ، ودليل على التمسك بنظام الأئمة ، وتحذير من الوقوع في التيه بالعدول عنها والانقطاع عن سبيلها ، ومن الشذوذ يمينا وشمالا ، والإصغاء إلى ما يزخرفه المفترون المفتونون في دينهم من القول الذي هو كالهباء المنثور وكالسراب المضمحل ، كما قال الله عز وجل : ( ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله
[1] سورة القمر : 29 و 30 . [2] سورة الشمس : 14 و 15 . [3] بحار الأنوار : 70 / 108 ، ذ ح 5 ، و ج 100 / 95 ، ذ ح 6 . [4] نهج البلاغة : 319 .