منهم إمام نصب عز وجل لخلقه إماما علما بينا ، وهاديا منيرا ، وإماما قيما ، وحجة عالما ، أئمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون ، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه يدين بهديهم العباد ، وتستهل بنورهم البلاد ، وينمو ببركتهم التلاد ( [1] ) ، جعلهم الله حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام ، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها . فالإمام هو المنتجب المرتضى ، والهادي المجتبى ، والقائم المرتجى ، اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذراه ، وفي البرية حين برأه ظلا قبل خلقه نسمة عن يمين عرشه ، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده ، اختاره بعلمه ، وانتجبه لطهره بقية من آدم ، وخيرة من ذرية نوح ، ومصطفى من آل إبراهيم ، وسلالة من إسماعيل ، وصفوة من عترة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، لم يزل مرعيا بعين الله يحفظه بملائكته ، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ، ونفوث كل فاسق ، مصروفا عنه قوارف السوء ، مبرأ من العاهات ( [2] ) ، محجوبا عن الآفات ، معصوما مصونا من الفواحش كلها ، معروفا بالحلم والبر في يفاعه ، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسندا إليه أمر والده ، صامتا عن المنطق في حياته ، فإذا انقضت مدة والده وانتهت به مقادير الله إلى مشيئته ، وجاءت الإرادة من عند الله فيه إلى محبته ، وبلغ منتهى والده ( عليه السلام ) ، فمضى وصار أمر الله إليه من بعده ، وقلده الله دينه ، وجعله الحجة على عباده ، وقيمه في بلاده ، وأيده بروحه ، وأعطاه علمه ، واستودعه سره ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأنبأه فصل بيان علمه ، ونصبه علما لخلقه ، وجعله حجة على أهل عالمه ، وضياء لأهل دينه ، والقيم على عباده ، رضي الله به إماما لهم ، استحفظه علمه ، واستخبأه حكمته ، واسترعاه
[1] التلاد : كل مال قديم . [2] العاهات : الأمراض .