فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون ، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه ، ولا يمدح بنا معلنا ، ولا يخاصم بنا قاليا ( [1] ) ، ولا يجالس لنا عائبا ، ولا يحدث لنا ثالبا ، ولا يحب لنا مبغضا ، ولا يبغض لنا محبا . فقلت : فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون ؟ فقال : فيهم التمييز ، وفيهم التمحيص ، وفيهم التبديل ، يأتي عليهم سنون تفنيهم ، وسيف يقتلهم ، واختلاف يبددهم . إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا . قلت : جعلت فداك ، فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة ؟ فقال : اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخفيض عيشهم ، المنتقلة دارهم ، الذين إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن ماتوا لم يشهدوا ، أولئك الذين في أموالهم يتواسون ، وفي قبورهم يتزاورون ، ولا تختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان " ( [2] ) . 5 - حدثنا محمد بن همام ، قال : حدثنا حميد بن زياد الكوفي ، قال : حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الميثمي ، عن علي بن منصور ، عن إبراهيم بن مهزم الأسدي ، عن أبيه مهزم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) بمثله ، إلا أنه زاد فيه : " وإن رأوا مؤمنا أكرموه ، وإن رأوا منافقا هجروه ، وعند الموت لا يجزعون ، وفي قبورهم يتزاورون " ، ثم تمام الحديث ( [3] ) .
[1] القلاء : البغض . [2] بحار الأنوار : 68 / 164 ، ح 16 . معجم أحاديث الإمام المهدي ( عليه السلام ) : 4 / 10 ، ح 1089 . [3] انظر تخريجات الحديث السابق .