فيهم بالحق وتنصف الوضيع من الشريف [ وليس للشريف ] عندك فضل منزلة على الوضيع ، فضجت طائفة ممن معك على الحق إذ عموا به ، واغتموا من العدل إذ صاروا فيه ، وصارت صنائع معاوية عند أهل الغنى والشرف ، فتاقت أنفس الناس إلى الدنيا وقل - من الناس من ليس للدنيا بصاحب ، وأكثرهم من يجتوى 2 الحق ويستمرى 3 الباطل ويؤثر الدنيا ، فإن تبذل المال يا أمير المؤمنين تمل إليك أعناق الناس وتصف نصيحتهم وتستخلص ودهم ، صنع الله لك 4 يا أمير المؤمنين وكبت عدوك وفض جمعهم وأوهن كيدهم وشتت أمورهم إنه بما يعملون خبير 5 فأجابه علي - عليه السلام - فحمد الله وأثنى عليه وقال : أما ما ذكرت من عملنا وسيرتنا بالعدل ، فإن الله يقول : من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد 6 ، وأنا من أن أكون مقصرا فيما ذكرت أخوف . وأما ما ذكرت من أن الحق ثقل عليهم ففارقونا لذلك ، فقد علم الله أنهم لم يفارقونا من جور ، ولم يدعوا [ إذ فارقونا 7 ] إلى عدل ، ولم يلتمسوا إلا دنيا زائلة عنهم
1 - في شرح النهج : " ورأوا " . 2 - في النهاية : " اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة " وفي الأساس : " ومن المجاز : اجتوى القوم إذا أبغضهم " . 3 - في الأساس : " مريت الناقة وأمريتها = حلبتها فأمرت ( إلى أن قال ) والريح تمرى السحاب وتمتريه وتستمريه تستدره ، وبالشكر تمترى النعم ، وتقول : ما زلت أعيش بأحاليب درك وأستمرى أخلاف برك " . 4 - " صنع الله لك " أي فعل الله لك خيرا وقدره لك ، فالجملة دعائية . 5 - ذيل آية 111 سورة هود . 6 - آية 46 سورة السجدة = فصلت . 7 - في البحار : " ولم يلجأوا " وفي شرح النهج : " ولا لجئوا إذا فارقونا " .