أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم يقول الله عز وجل : قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون 1 ، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت ، وأكلوها بأفضل 2 ما أكلت ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ، أكلوا من أفضل ما يأكلون ، وشربوا من أفضل ما يشربون ، ولبسوا من أفضل ما يلبسون ، وسكنوا بأفضل ما يسكنون ، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون ، وركبوا من أفضل ما يركبون ، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا ، مع أنهم غدا من جيران الله عز وجل يتمنون عليه ، فيعطيهم ما يتمنون ، لا يرد لهم دعوة ولا ينقص لهم [ نصيب من ] لذة ، فإلى هذا يشتاق 3 من كان له عقل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . واعلموا عباد الله أنكم إن اتقيتم ربكم وحفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد 4 ، وذكرتموه بأفضل ما ذكر ، وشكرتموه بأفضل ما شكر ، وأخذتم بأفضل الصبر ، وجاهدتم بأفضل الجهاد 5 ، وإن كان غيركم أطول صلاة منكم وأكثر صياما ،
1 - آية 32 سورة الأعراف . 2 - قال المجلسي ( ره ) في ثامن البحار في وجه أفضلية فعلهم ما نصه ( ص 656 ) : " وقال ابن ميثم : وإنما كان ما فعلوا أفضل ، لأنهم استعملوها على الوجه الذي ينبغي لهم وأمروا باستعمالها عليه ، وظاهر أن ذلك أفضل الوجوه وهو الأخذ من لذات الدنيا المباحة لهم بقدر ضرورتهم وحاجتهم ، بل نقول : إن لذتهم بما استعملوا منها أتم وأكمل وذلك أن كل ما استعملوه من مأكول ومشروب ومنكوح ومركوب إنما كان عند الحاجة والضرورة ، وكلما كانت الحاجة إلى الملذ أتم كانت اللذة أقوى وأعظم . أقول : ويحتمل أن تكون الأفضلية باعتبار أن المتقين لما كان مصروفهم من الحلال لا يخافون عليه عقابا ، وغيرهم لما كان ما ينتفعون به حراما أو مخلوطا به يخشون العقوبة عليه ، وهذا مما يكدر عيشهم " . 3 - في شرح النهج وثامن البحار : " أما في هذا ما يشتاق إليه " وفي مجالس - المفيد وأمالي ابن الشيخ : " فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه " . 4 - في التحف : " بأفضل عبادته " . 5 - في التحف والمجالسين : " واجتهدتم بأفضل الاجتهاد " .