ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير 1 ، وقال : فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون 2 فاعلموا عباد الله أن الله سائلكم 3 عن الصغير من أعمالكم والكبير فإن يعذب فنحن أظلم 4 ، وأن يعف 5 فهو أرحم الراحمين ، واعلموا أن أقرب ما يكون العبد إلى الرحمة والمغفرة حين يعمل بطاعة الله ومناصحته في التوبة ، فعليكم بتقوى الله عز وجل فإنها تجمع من الخير ما لا يجمع غيرها ، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها ، خير الدنيا وخير الآخرة ، يقول الله : وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين 6 .
1 - ذيل آية 28 سورة آل عمران . 2 - آية 92 سورة الحجر . 3 - في النهج : " يسائلكم " فهو من " سأل " بمعنى " سأل " كما صرح به اللغويون . 4 - في شرح النهج وثامن البحار : " فنحن الظالمون " وعبارة النهج في الفقرتين : " فإن يعذب فأنتم أظلم ، وأن يعف فهو أكرم " وعبارة الأصل وسائر الكتب كما في المتن وأظن أن لفظة " الراحمين " من زيادات الكاتبين والروأة والصحيح هكذا : " فإن يعذب فأنتم أظلم ، وأن يعف فهو أرحم " كما نقله هكذا السيد هاشم البحراني ( ره ) في معالم الزلفى ( أنظر ص 74 منه ) وقال المجلسي ( ره ) في توضيح عبارة النهج وتوجيه لفظة " أظلم " ما نصه ( ص 656 من ثامن البحار ) : " قوله ( ع ) : فأنتم أظلم أي من أن لا تعذبوا ، أو لا تستحقوا العقاب ، وأن يعف فهو أكرم من أن لا يعفو أو يستغرب منه العفو ، أو المعنى أنه سبحانه إن عذب فظلمكم أكثر من عذابه ولا يعاقبكم بمقدار الذنب ، وأن يعف فكرمه أكثر من ذلك العفو ويقدر على أكثر منه وربما يفعل أعظم منه . وقال ابن أبي الحديد : أي أنتم الظالمون كقوله تعالى : وهو أهون عليه وكقولهم : الله أكبر . وقال ابن ميثم : ويحتمل أن يكون قد سمى ما يجازيهم من العذاب ظلما مجازا لمشابهته الظلم في الصورة كما في قوله تعالى : فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ، فصدق إذا اسم - التفضيل لابتدائهم بالمعصية ( انتهى ) " . 5 - في شرح النهج وثامن البحار : " وأن يغفر ويرحم " . 6 - آية 30 سورة النحل .