نام کتاب : العقل والجهل في الكتاب والسنة نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 223
صعب ، ولا يؤمن على الانسان مع مدافعته بالتوبة أن يرهقه الموت فيخرج من الدنيا غير تائب ، كما قد يكون على الواحد دين إلى أجل وقد يقدر على قضائه ، فلا يزال يدافع بذلك حتى يحل الأجل وقد نفد المال فيبقى الدين قائما عليه . فكان خير الأشياء للإنسان أن يستر عنه مبلغ عمره ، فيكون طول عمره يترقب الموت ، فيترك المعاصي ويؤثر العمل الصالح . فإن قلت : وها هو الآن قد ستر عنه مقدار حياته ، وصار يترقب الموت في كل ساعة ، يقارف الفواحش وينتهك المحارم ! قلنا : إن وجه التدبير في هذا الباب هو الذي جرى عليه الأمر فيه ، فإن كان الانسان مع ذلك لا يرعوي ولا ينصرف عن المساوي فإنما ذلك من مرحه ومن قساوة قلبه لا من خطأ في التدبير ، كما أن الطبيب قد يصف للمريض ما ينتفع به ، فإن كان المريض مخالفا لقول الطبيب لا يعمل بما يأمره ولا ينتهي عما ينهاه عنه لم ينتفع بصفته ، ولم يكن الإساءة في ذلك للطبيب بل للمريض حيث لم يقبل منه . ولئن كان الانسان مع ترقبه للموت كل ساعة لا يمتنع عن المعاصي فإنه لو وثق بطول البقاء كان أحرى بأن يخرج إلى الكبائر الفظيعة ، فترقب الموت على كل حال خير له من الثقة بالبقاء . ثم إن ترقب الموت وإن كان صنف من الناس يلهون عنه ولا يتعظون به فقد يتعظ به صنف آخر منهم ، وينزعون عن المعاصي ، ويؤثرون العمل الصالح ، ويجودون بالأموال والعقائل النفيسة في الصدقة على الفقراء والمساكين ، فلم يكن من العدل أن يحرم هؤلاء الانتفاع بهذه الخصلة لتضييع أولئك حظهم منها [1] . راجع : كتاب " العلم والحكمة في الكتاب والسنة " / ص 270 / السؤال عما قد يضر جوابه .
[1] بحار الأنوار : 3 / 83 في نقل الخبر المشتهر بتوحيد المفضل بن عمر .
223
نام کتاب : العقل والجهل في الكتاب والسنة نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 223