10 - يجوز [ كون ] عدول العرب إلى الحرب عن المعارضة ، لكونهم رأوا أنه أحسم للمادة . قلنا : يعلم كل عاقل أن أحدا لا يختار قتل الرجال وركوب الأهوال ، على السهل من الكلام ، وفيه فضيلة على سائر الأنام ، وبهذا يجاب عما قيل : إنما تركوا معارضته لقلة اهتمامهم به ، ولهذا نسبوه إلى الجنون ، ونسبوا الكلام إلى السحر ، ونهوا عن استماعه لئلا يأخذ بقلوبهم . 11 - فاجأهم بالخوف فاشتغلوا بالحرب عنها ، قلنا استمر ثلاثة عشر سنة ينذرهم بغير حرب ويأتيهم بالآيات ويطلب منهم المعارضات . 12 - يجوز كونهم اعتقدوا خطبهم وأشعارهم أفصح من بلاغته فقلت رغبتهم في معارضته . قلنا : كل من نظر فيه وفيها علم غلبته لها ، ولما سمع ابن الزبعرى قوله تعالى : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم [1] ) قال : لأخصمن محمدا فجاء إليه ، وقال : إن الملائكة والمسيح عبدوا ! فقال صلى الله عليه وآله : أوما علمت أن ( ما ) لم يكن لمن يعقل [2] فالمراد الأصنام ونحوها فانقطع . 13 - القرآن ليس بحادث ، فلا يكون خارقا للعادة ، فلا يكون معجزا . قلنا : هذا يرد على الأشاعرة ، وأما القائلون بحدوثه فلا ، على أن لهم أن يقولوا : يكفي ظهوره عليه دون غيره وإن كان قديما . 14 - البلاغة في الناس متفاوتة ، فلعل محمدا صلى الله عليه وآله أبلغ من غيره ، فأتى به و لم يتهيأ مثله لغيره ، قلنا : جرت العادة من الحكيم في خلقه بأن لا يمنحهم من البلاغة ما يتفاوتون فيه كثيرا ، فلما زادت بلاغة القرآن عليهم جدا وعجزوا عنه وعن ما يقاربه ، علم أنه ليس منه عليه السلام ، فلهذا آمن فصحاؤهم مثل : قيس وكعب و مدحه الأعشى ، بقصيدة أولها : ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبت كما بات السليم مسهدا نبي يرى ما لا ترون وذكره * أغار لعمري في البلاد وأنجدا