فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [1] ) وقال ابن المقفع وكان أفصح أهل عصره : إن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر ، وإني مفتكر في قوله تعالى : ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي ) الآية [2] لم أبلغ غاية المعرفة بها ، ولم أقدر على الاتيان بمثلها ، قال هشام : فبينما هم كذلك إذ مر بهم الصادق عليه السلام فقرأ : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا [3] ) . وقد حكى أبو عبيدة أن أعرابيا سمع ( فاصدع بما تؤمر [4] ) فسجد ، وسمع آخر ( فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا ) فقال : أشهد أن لا مخلوق يقدر على مثل هذا وسمع الأصمعي جارية تستغفر ، فقال لها : ، مم ولم يجر عليك قلم ، فقالت شعرا : أستغفر الله لذنبي كله * قتلت انسانا بغير حله [5] مثل غزال ناعم في دله * فانتصف الليل ولم أمله [6] فقال لها : ما أفصحك يا جارية ؟ فقالت : أفصاحة بعد قوله تعالى : ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ، فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ، ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين [7] ) فجمع تعالى في آية أمرين ونهيين و خبرين وبشارتين . ولما أراد النابغة الاسلام ، حين سمع صوت قارئ يقرء القرآن وعلم بفصاحته قال أبو جهل له : يحرم عليك الأطيبين . وأخبر الله تعالى عن الوليد بن المغيرة بذلك ، في قوله : ( فكر وقدر ) إلى آخر الآية [8] ) .