قيل لابن الجوزي : هل جرى في تبوك قتال ؟ فقال : فقدت الحرب الشجاع فمن يقاتل ؟ فلما استخلفه في آخر مرة ولم يعزله عمت خلافته الأيام والأنام ، وهذا أقوى من استدلالهم على خلافة أبي بكر بصلاته لو ثبتت . قالوا : إنما كان قول النبي صلى الله عليه وآله ذلك فيه تسلية له ، فلا يدل على خلافته قلنا : لا ، بل ذلك دال على فضيلته ، فلا وجه لتخصيصه بتسليته ، ولئن سلم فهو دليل على عظم شفقته ، لكبر منزلته الموجبة لاستحقاق إمامته ، وأنتم جعلتم قول النبي صلى الله عليه وآله لأبي بكر : لا تحزن ، دليلا على كبر منزلته . قالوا : استخلف على المدينة ابن أم مكتوم أحد عشر مرة وهو لا يصلح للإمامة لكف بصره ، قلنا كفى بعلي شرفا توليته وعزل غيره ، ولولا أن الله أراد لعلي إبراز فضيلته ، لم يذكر الناصب عزل غيره في حجته . وإذا أراد الله نشر فضيلة * طويت أتاح لها لسان حسود قالوا : هارون مات قبل موسى ، فلم يكن له إمامة بعده ، فكذا علي بعد النبي صلى الله عليه وآله . قلنا : دلالته على أفضلية علي عليه السلام توجب الخلافة له بعد النبي صلى الله عليه وآله ولو عاش هارون لكان خليفة له إذ لو عزله لكان لانحطاط منزلته ولا موجب لها . ولا يلزم من نفي خلافة هارون لمانع الموت نفي خلافة المشبه به ، فإن قال أحد لوكيله ( أعط زيدا كذا إذا حضرك وأنزل عمرا منزلته ) فإذا لم يأت زيد لم يمنع عمرو ، وقد عاش علي بعد النبي صلى الله عليه وآله فهو خليفة له . وقول النبي صلى الله عليه وآله : لا نبي بعدي دال على أنه يفارق هارون في هذه الخصلة وإلا لخلا الاستثناء عن الفائدة . قالوا : أخوة موسى لهارون بالقرابة ، وليست أخوة النبي صلى الله عليه وآله لعلي بالقرابة فكيف يشبه به ، قلنا : لا شك أنه من المجاز لأجل المشاكلة ، وهو مشهور قال تعالى : ( وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها [1] ) والمقصود