وقد أظهرنا وجه فضيلته على القولين . قالوا : لو سلم سبق إسلامه فإسلام أبي بكر أفضل منه ، لحصول الشوكة و القوة للاسلام به دونه ، لأنه كان شيخا من الشيوخ محترما ، ودعى الناس إلى الاسلام . قلنا : نمنع احترامه ، ودعاءه إلى الاسلام ، وحصول الشوكة ، ففي إسلام علي صغيرا فضيلة لا تعادل إذ الميل إلى الأبوين في طباع الصبيان ، وكثير اللعب مع الأخدان ، فالعدول عن ذلك بصحيح النظر ، لم يكن لغيره من البشر ، فكانت التقوى المستلزمة للكرامة ، ثابتة له لسبق إسلامه ، لا لمن مضى على الكفر أكثر أعوامه ، وكيف لا يكون إسلامه بالاستدلال ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله في مناقبه حيث قال لفاطمة : أما ترضين أني زوجتك أقدمهم سلما ، وقال في حديث سلمان : أول هذه الأمة ورودا على الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب ونحو ذلك قد سلف . وأيضا فالنبي صلى الله عليه وآله لم يستكتمه على سره و [ لا ] يثق بعقله وأمانته إلا وهو عالم بصدق سريرته ، وعلمه وحكمته ، وحصول عصمته ، وإلا لكان مضيعا لحرمته ومفرطا بوضع الشئ في غير موضعه ، ومتشاغلا عما يجب عليه من المهم بغيره ولأن حاله بعد الاسلام ليس كما كان من قبله ، وإلا لم يصدق الاسلام عليه . إن قيل : قد يصدق الاسم بمجازه دون حقيقته كإسلام الطفل تبعا لأبيه وسابيه [1] قلنا : الأصل في الاطلاق الحقيقة وعندكم لا إسلام لأبيه ، ومن المعلوم نفي سابيه ولو صدق بمجازه لصدق السلب فيه ، ويلزم صدق الكفر حقيقة عليه ، وذلك قول فنيد ، لم يذهب إليه رشيد ، والحمد لله القوي الحميد .