أخرج ذلك كله صاحب الوسيلة فيما خص به علي دون غيره . قالوا : لو كان حبه حسنة لا تضر معها سيئة ، لم يضر ترك العبادات ، ولا فعل المنهيات ، وبطلت الحدود والتوعدات . قلنا : قد جاء عن النبي : ( المرء مع من أحب ، ومن قال لا إله إلا الله دخل الجنة ) ونحو ذلك كثير فالطعن فيه و فيما سلف نحوه طعن على ملة الاسلام ، وتأويل ذلك أن من أحب عليا لا يخرج من الدنيا إلا بتوبة تكفر سيئاته ، فتكون ولايته خاتمة عمله ، ومن لم يوفق للتوبة ابتلي بغم في نفسه ، أو حزن على ماله ، أو تعسير في خروج روحه ، حتى يخرج من الدنيا ولا ذنب له يؤاخذ به قالوا : فقد ضر ذلك . قلنا : متناه محتقر بالقياس إلى الخلوص من طبقات الجحيم ، والخلود في جنات النعيم ، فصح إطلاق اللفظ من النبي كما أطلقت اللغة الأسود على الزنجي ، وقالوا : لا ضرر على من نجت من المهلكة نفسه وإن تلف ماله ، ولو لم يكن لنا إلا الحديث المجمع عليه : ( لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ) لكفى ولقد علمت ما جاء في المنافق ، ولا يشك عاقل أن حبه حسنة وقد قال تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات [1] ) وكيف تقولون لا يضر ترك العبادات ، وفعل المنهيات ، وعندكم لا طاعة للعبد ولا معصية ، وأن الله لا يفعل لغرض فله إثابة العاصي ، ومؤاخذة الطائع ، وناهيك بقول المضلين فسادا في الدين أعاذنا الله منه وسائر المؤمنين . إن قالوا : إنما ذكرنا ذلك إلزاما لكم لأنكم ترون للعبد فعلا ، وتعتقدون في أفعال الله غرضا ، قلنا : نرجع إلى جوابنا الأول من أن ضرر اليسير ينغمر في جنب الحاصل بمحبته من الخير الكثير .