وقد قالت في خطبتها المشهورة : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم لفظتم بعد أن عجمتم ، وسبرتم بعد أن خبرتم ، ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، وما نقموا من أبي الحسن تالله إلا نكال سيفه ، ونكير وقعه ، وشدة وطئه ، وتشهيره في ذات الله ، إلى أي لجاء أسندوا ، وبأي عروة تمسكوا لبئس المولى ولبئس العشير استبدلوا الذنابى بالقوادم ، والأعجاز بالكواهل رغما لمعاطس قوم ، يحسبون أنهم مصلحون ، ألا إنهم هم المفسدون ، ولكن لا يشعرون . وناهيك من قولها بعد عرفان عصمتها من تقديم بعلها ، وقد أورد الثعلبي تزويجها في قوله ( وهو الذي خلق من الماء بشرا وجعله نسبا وصهرا [1] . ومن الوسيلة أيضا إنما سميت فاطمة لأنها فطمت محبوها عن النار ، ومنها عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله ينادى يوم القيامة أيها الجمع نكسوا رؤسكم ، و غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة على الصراط ، ومنها أن النبي صلى الله عليه وآله قال لها إن الله يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك ، ومنها قول النبي لعلي إن جبرائيل يخبرني أن الله زوجك بفاطمة وأشهد أربعين ألف ألف ملك ، وأوحى إلى شجرة طوبى أن تنثر الدر والياقوت ، فنثرت فلقطه الحور فهو عندهن يتهادينه إلى يوم القيامة ، فمعاني هذه الأقوال نقلت من الوسيلة . وفي تفسير الزمخشري في قوله تعالى : ( قالت هو من عند الله [2] ) إن فاطمة في زمن قحط أعدت للنبي رغيفين وبضعة لحم فكشفت الطبق فوجدته مملوءا خبزا ولحما ، قال لها : أنى لك هذا ؟ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فقال الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ثم جمع بعلها وولديها و أهل بيته وأكلوا حتى شبعوا والطعام كما هو فأوسعت فاطمة على جيرانها ، فهذه تشهد بأفضليتها ، وأنتم تقيسونها بغيرها ، وقد وردت مدائح الشعراء بذلك فيها ، و