قال خطيب دمشق وابن أبي الحديد في علي وهما قائلان بإمامة أبي بكر : ما أقول في رجل أقر له بالفضل من خصمه ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، مع استيلاء بني أمية على الأرض ، واجتهادهم في إطفاء نوره ، ولعنه على منابرهم ، ووضع معايبه ، وقتلوا مادحيه وحبسوهم عن رواية حديث يعليه ، فما زاده ذلك إلا سموا فكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم تضوع نشره ، تعزى إليه كل فضيلة ، وتتجاذبه كل طائفة ، كل من نزع من الفضايل بعده ، فله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى ، ومن كلامه اقتبس العلم الإلهي ، وإليه إنتهى . فالمعتزلة الذين هم أهل هذا الفن تلامذته لانتسابهم إلى واصل تلميذ أبي هاشم بن محمد بن الحنفية ، وهو تلميذ أبيه ، والأشعرية ينتمون إلى أبي الحسن وهو تلميذ أبي علي الجبائي المعتزلي ، فرجع علمهم إلى علي عليه السلام ، والإمامية والزيدية انتسابهم واضح إليه . وعلم الفقه فكل فقيه عيلة عليه ، وقد قرأ مالك على ربيعة ، وربيعة على عكرمة ، وعكرمة على ابن عباس ، وهو تلميذ علي . وابن حنبل قرأ على الشافعي والشافعي على محمد بن الحسن من أتباع أبي حنيفة ، وأبو حنيفة على الصادق ، و انتهى الأمر إلى علي عليه السلام . وعلماء الصحابة ابن عباس وقد علمت أنه تلميذه ، وعمر بن الخطاب وقد عرف رجوعه إليه فيما أشكل عليه ، حتى قال : لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن وقد روى الخاص والعام قول النبي صلى الله عليه وآله له لما بعثه قاضيا إلى اليمن : اللهم اهد قلبه وثبت لسانه فقال : ما شككت بعدها في قضاء ، وقال ارتجالا على المنبر : صار ثمنها تسعا وسيأتي قريبا . والتفسير فهو مأخوذ عنه وعن ابن عباس وقد قيل له : أين علمك من علم علي قال : كقطرة في البحر المحيط . وعلماء الطريقة ينسبونها إليه والخرقة التي هي شعارهم إلى اليوم مقصورة