ونفرق بينه وبين من شوهدت معاصيه وكفره قبل تحكيمه ، وخطائه ومخالفته بعد توليته ، حتى قال الأول إن لي شيطانا يعتريني فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم ، وتمنى الثاني عند موته أن لم يكن شيئا وأن يكون نسيا منسيا ، وأحداث الثالث لا تحصى كثرة ، وسنورد طرفا منها في المطاعن جهرة ، بخلاف من فرض فيه ذلك ولم يعلم منه البتة ، ولما نصبه الله ورسوله استدللنا بالمعلول على العلة . إن قالوا : لم يكن أحد بعد النبي معصوما إلا عصمة الإيمان . قلنا : هذه لا يعلم بالباطن حصولها ، وحسن الظاهر لا يدل عليها لوقوع النفاق في كثير من الأمة في حياة نبيها وحينئذ لا وثوق ولا أمان بحصول الثلاثة باطنا على الإيمان لجواز إظهاره وإبطان الكفران ، ولم قطعتم بالاطلاق على كذب من وصفهم بالنفاق . إن قالوا : فمدائح النبي فيهم ترفع هذا التجويز لرواية سعيد بن عمرو بن نفيل ، أن النبي صلى الله عليه وآله عد العشرة المشهورة من أهل الجنة . قلنا : إن سلم ذلك عن الفساد ، فهو من أخبار الآحاد ، والراوي له أحد العشرة ، فيرد الحكم بقوله لشهادته لنفسه . إن قالوا : لم ينكره أحد من الأمة فصار إجماعا . قلنا : فالأمة قد اجتمعت على استحلال دم أحد العشرة ، وهو عثمان وكيف تستحل دم من تعتقد أنه من أهل الجنان ، وإن لم تجتمع عليه ، فقد استحله جماعة كثيرة منها فكيف يدعى في صلاحه إجماعها ، والشيخان قد أكذبا ما روى سعيد فيهما ، بجزعهما عند موتهما حتى قال الأول لابنته عائشة : هلك أبوك ، هذا رسول الله معرض عني فقال عمر : لا تخبروا بذلك فإنكم أهل بيت يعرف فيكم عند الموت الهذيان ، وقال عمر عند احتضاره : ليت أمي لم تلدني ، وسيأتي في المطاعن بإسناده إلى صحاحهم . وعثمان لم يحتج بخبر سعيد وقت حصره ، وقد ذكر غيره من فضائله ليدفع بها من قتله وضره ، ولو كان صحيحا عنده كان ذكره أوكد من غيره ، وهذا علي وطلحة والزبير من العشرة قد استحل كل منهم دم الآخر ولم يسلموا السعيد