منه عقدته المحكمة ، فقال : " إن رسول الله قد غلبه الوجع - أو ليهجر - وعندكم القرآن وحسبنا كتاب الله " ! . فاختلف الحضور وأكثروا اللغط والنقاش ، منهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، ومنهم من يقول : ما قال عمر . فما ترى نبي الرحمة صانعا بعد هذا ؟ أيكتب الكتاب وهو في زعم بعضهم على حال مرض غالب " حاشا النبي الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " ، فكيف إذن يهتدون به ولا يضلون بعده أبدا ، وقد وقع فيه الخلاف من الآن ، وطعن بتلك الطعنة النجلاء التي لا سبر لها ولا غور . فلم يجد روحي فداه إلا أن ينهرهم وينبههم على خطأهم فقال : " قوموا . ولا ينبغي عند نبي نزاع " لتبقي هذه الحادثة حجة على مرور القرون . حقا إنها لرزية من أعظم الرزايا سببت كل ضلال وقع ويقع بعد النبي . وحق الابن عباس حبر الأمة أن يبكي عند تذكرها حتى يخضب دمعه الحصباء ويقول : " إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ( ص ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب " . وليفكر المفكر أي شئ كان يدعو عمر ليقول هذه المقالة القارصة في حق النبي المختار ، وما ضره لو كان يكتب هذا