ويكفينا لعدم الوثوق بهذا النص المدعى أن نطلع على مجرى حادث السقيفة ، ونعرف استدلال من استدل على صحة بيعته بالإجماع . أولا تراه نفسه يوم السقيفة كيف قدم للبيعة عمر وأبو عبيدة ، فقال : " قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين " . أتراه كان لا يعلم بالنص عليه ، أو كان عالما به ولكنه أعرض عنه ؟ - لا شئ منهما يصح أن يقال . ولا شئ أوضح من خطبته يومئذ إذ يقول فيها : " أن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لقريش أوسط العرب دارا ونسبا " . بل لو كان نص عليه لما كانت العرب تعرف هذا الأمر إلا لشخصه بنص صاحب الرسالة . وليس المقام مقام حياء من الدعوة إلى نفسه . وعندي لا شئ أوضح من وضع الأحاديث في النص
خفي عليه كثير من أمر رسول الله ( ص ) كالاستيذان وغيره ، أو أنه أراد استخلافا بعهد مكتوب ، ونحن نقر أن استخلافه لم يكن بعهد مكتوب . وأما الخبر في ذلك عن عائشة فكذلك أيضا . . . " . ولئن خفي هذا الأمر على عمر وعائشة فعلى غيرهما أخفى وأخفى ، على أن جملة إرادتها للعهد المكتوب فأبعد وأبعد .