تعليل مقبول لذلك الصمت ، بأن أقول : إن الرسول إنما ترك بيان هذا الأمر ليوقع الخلاف بين أمته رحمة بهم لما روي عنه : " اختلاف أمتي رحمة " ؟ . ولكن هيهات ! إن لم تؤول الكلمة بما يتفق ومبادئ الإسلام [1] فإنها الكذب الصراح على داعية الوحدة ومقاتل نزعات الجاهلية الأولى بسيف من الأخوة الإسلامية انتشل العرب من هوة عميقة للتفرق والنزاع والنزال . إن أكبر ظاهرة للإسلام بل من أعظم أعماله ، تلك الدعوة إلى الوحدة المطلقة بأوسع معانيها وتحطيم الفروق حتى بين الشعوب والأمم المختلفة . ألا ( إنما المؤمنون إخوة ) .
[1] هذه الكلمة مروية من طرق الطرفين . والوارد في تفسيرها عن آل البيت غير ما يتخيل من ظاهرها ففي علل الشرايع : " أنه قيل للإمام جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام : إن قوما يروون أن رسول الله قال : " اختلاف أمتي رحمة " ، فقال : صدقوا ، فقيل : إذا كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ، قال : ليس حيث تذهب وذهبوا إنما أراد قول الله عز وجل ( فلولا نفر من كل فرقة طائفة . . ) واختلاف أهل البلدان إلى نبيهم ثم من عنده إلى بلادهم رحمة . . . " الخبر . ومثله في معاني الأخبار للصدوق ، وفيه : " إنما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافا في دين الله ، إنما الدين واحد " .