لا يعرف أن يختار ولا يعرف أن يعين ما يختار ، ويبقى في مثل هذا الحال منتظرا إشارة من سخرة ونومه التنويم المغناطيسي أو لأي شخص آخر يفاجئه بإرادة قوية حازمة ، فلو أن أحدا من الحاضرين قام فبايع أحدا منهما عمر أو أبا عبيدة لبويع وانتهى كل شئ . ولو أن أبا بكر عين واحدا لما تأخروا عن بيعته ، ولكن هذا الترديد بين الرجلين يظهر أنه كان مقصودا تمهيدا لإرجاع الأمر إليه ، ولعله عن تفاهم سابق واتفاق بين الثلاثة ليتعاقبوا هذا الأمر . ولذلك تمنى عمر عند الموت أن يكون أبو عبيدة حيا ليعهد إليه . أما هما فقد أبيا عليه وقال عمر : " لا والله لا نتولى الأمر عليك ابسط يدك نبايعك ! " قال هذا القول ولم يترك فرصة تستغل للرد والحجاج ، فحقق القول بالعمل ، وأقدم بإرادة جازمة لا تعرف التردد يتطلبها الموقف الدقيق ، فذهب ليبايع أبا بكر ، ولم يتمنع أبو بكر فمد يده ، ولكن بشير بن سعد هذا الذي تقدمت خطبته سابق عمر بن الخطاب إليها فوضع يده بين يديهما مبايعا ، كأنما أراد بذلك أن يحرز الفضيلة في السبق أو ليبرهن على إخلاصه للمهاجرين ، بل هذا من اندفاعات الجمهور المدهشة بنتيجة انفعالهم بالمؤثرات التي تطرأ عليهم . وهو من أبلغ الشواهد على ما قلنا من تكهرب نفوس جمهور السقيفة بتلك المؤثرات التي استعملها أبو بكر بتلك