بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد في عام 11 للهجرة يفعل الدهر فعلته الأولى ، فيقلب صفحة من صفحات التاريخ الإسلامي المجيدة كتبت بأحرف من النور الإلهي . كلها إيمان وصدق ، جهاد وتضحية ، فخر وقوة ، عز ومجد ، عدل ورحمة ، أخوة وإنسانية . يقلب الدهر هذه الصفحة الناصعة بالخيرات والفضائل ، بأفول ذلك النور المقدس من الأرض ، فيستقبل بالمسلمين صفحة من كتابه التكويني مشوشة الخط قال عنها الكتاب التشريعي : ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم . . . ) . لا شك عند من يعترف بالقرآن الكريم وحيا إلهيا لا ينطق صاحبه عن الهوى ، في أن هذا الحادث التاريخي العظيم بموت منقذ الإنسانية ، كان حدا فاصلا بين عهدين يختلفان كل الاختلاف : ذاك إقبال بالنفس والنفيس على الحق تعالى ، وهذا انقلاب عنه على الأعقاب . إذن نحن الآن أمام أمر واقع : مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم !