تدبيرهم . كيف وقد تجلى ذلك في الحباب لسانهم المفوه وخطيبهم المصقع ذلك اليوم ، وهو أقوى شكيمة وأكثرهم اعتدادا بنفسه وقومه ، وكان يدعي بينهم " ذا الرأي " . بقي علينا أن ندرك لماذا كل هذا الحذر من الحباب من اختلافهم إذ يقول : " ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم وينتقض عليكم أمركم " ؟ - لا بد أنه كان يحس بشرارة الخلاف تقدح ، ويتوجس خيفة من الانتقاض وهذا ما سنبحث عنه في الآتي . 3 - الأنصار حزبان إذ قيل الأنصار أرادوا البيعة لسعد ، فإنما هم الخزرج فقط دون الأوس [1] . وإذا كان الأوس اجتمعوا في السقيفة مع الخزرج فإنما هو على ظاهر الحال ، ولحس مشترك بالخوف ممن قتلوا آباءهم وأبناءهم أن ينالوا الإمارة ، وهم يبطنون في نفس الوقت للخزرج كمين أحن تتغلغل في صدورهم ، فإن بين الحيين دماء مطلولة ما زال نضخها على سيوفهم وجروحا
[1] ولذا يقول المؤرخون عند ذكرهم لبيعة الأوس : " فانكسر على الخزرج ما كانوا أجمعوا عليه " .