" إن عائشة ألقت ليلتها الفتنة بين الأوس والخزرج ، بقولها للأوس إن الخزرج يحيكون ويدبرون الأمر لانتخاب خليفة منهم ، وقالت للخزرج إن الأوس يريدون انتخاب خليفة منهم ، فألقت الغيرة والحسد والتنافس بينهم ، وصباحا يبادرون رغم مرض زعيم الخزرج إلى سقيفة بني ساعدة لانتخاب أمير ، وفي نفس الليلة تحرض بني هاشم لتجهيز وتغسيل وتكفين ودفن رسول الله ، وهي تدري أن الصحابة الموالين لآل بيت الرسالة سوف لا يفارقونهم ، وهكذا دبروا الأمر بليل فاغتنموا انشغال الهاشميين والصحابة الخصوصيين المعارضين لهم ، أشغلوهم برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأوقعوا النزاع بين الأوس والخزرج ، وجاؤوا على تدبير مكيدة في وقت بلغ الحسد والحقد غايته بين الأنصار ، وأماط أبو بكر اللثام عن أول فتنة في الإسلام ، مشيدا بالمهاجرين ، وأنهم الأمراء والأنصار وأنهم الوزراء ومد يده ليبايع أبا عبيدة أو عمر ، فبادر الاثنان لبيعته ، وأعقبهم قلة من الأوس حقدا على الخزرج وتلاهم بقية الأوس ، وخشية أن يحصل الأوس على الخطوة بادر قسم من الخزرج لمثل ذلك ، وكاد أن يقع الخصام بين الخزرج وعمر لولا مداخلة أبي بكر وسياسته ، ثم مبادرتهم للخروج بعد الاطمئنان على عملهم يستجلبون الآخرين ، كل من وجدوا في الطريق خمطوه ووضعوا يده بيد أبي بكر ليبايع معلنين أنه خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكان فارس ذلك كله عمر ، وبعدها إرسال الرسل لمن يعرفون ، تارة بالاستعطاف وأخرى بالتطميع وأخرى بالتخويف والتهديد ، كانوا وقد تناسوا آنذاك دين محمد ووصية محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكتاب الله وما ورد يوم الغدير وغيره في علي ( عليه السلام ) لا يهمهم غير الملك ، وقد دل ما أحدثوه من القتل والسلب والنهب والسبي باسم الردة والشرك على ذلك ، وما كان يهمهم استعمال القوة والقسوة والظلم لكل من خالفهم أو حتى ظنوا أنه سيخالفهم ، وهكذا نرى الفتك بمالك ابن نويرة وقتله وأفراد عشيرته ونهبهم وسلبهم وسبيهم والتجاوز على إعراضهم ، هذا وقد ثبت لعمر ( رضي الله عنه ) أنهم مسلمون ، وأن خالدا وأتباعه قتلوا مسلمين وتجاوزوا على أعراضهم ، وأراد إقامة